سرشناسه:تهرانی، جواد، 1283 - 1368.
عنوان قراردادی:آیین زندگی و درس های اخلاق اسلامی .عربی
عنوان و نام پديدآور:نهج الحیاه و دروس الاخلاق الاسلامیه/ جواد الطهرانی؛ ترجمه حمید الخبیری النوغانی؛ التحقیق موسسه عالم آل محمد (ص) المعارفیه.
مشخصات نشر:مشهد : منشورات الولایه، 1441 ق.= 1398.
مشخصات ظاهری:218 ص؛ 5/14×5/21 س م.
شابک:978-600-96944-0-2
وضعیت فهرست نویسی:فاپا
يادداشت:عربی.
یادداشت:کتابنامه: ص. [211] - 218؛ همچنین به صورت زیرنویس.
موضوع:اخلاق اسلامی
Islamic ethics
راه و رسم زندگی
Conduct of life
شناسه افزوده:خبیری، حمید، 1366 -، مترجم
شناسه افزوده:موسسة عالم آل محمد علیهم السلام المعارفیه
رده بندی کنگره:BP247/8/ت88آ9043 1398
رده بندی دیویی:297/61
شماره کتابشناسی ملی:4596336
اطلاعات رکورد کتابشناسی:فاپا
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 2
اَللّهُمَّ صَلِّ عَلی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضا الْمُرْتَضَی الاِمامِ التَّقِیِّ النَّقِیِّ وَحُجَّتِکَ عَلی مَنْ فَوْقَ الاَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّری، الصِّدّیقِ الشَّهیدِ، صَلاهً کَثیرَهً تامَّهً زاکِیَهً مُتَواصِلَهً مُتَواتِرَهً مُتَرادِفَهً، کَاَفْضَلِ ما صَلَّیْتَ عَلی اَحَد مِنْ اَوْلِیائِکَ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.
ص: 3
نهج الحیاة و دروس في الأخلاق الإسلامیّة
آیة الله الحاجّ المیرزا جواد الطهرانيّ رحمة الله علیه
ترجمة: المیرزا حمید الخبیريّ النوغانيّ
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم
«اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة»
يُعدّ العلم والمعرفة أفضل وأكبر النِّعم الإلهيّة المهداة لعباد اللّه الصالحين لأنّه بالعلم يُعينهم اللّه على عبوديّته وبه یخضعون له.
والعلماء الربّانيّون والعرفاء الإلهيّون هم المستضيئون بهدى الأنبياء والأئمّة(علیهم السلام) ولا يشعرون بالتَّعب أو الملل أبداً في سلوك هذا الطريق، طريق العلم والعمل، ويتجنّبون الطُرُق الأُخرى التي لا تنتهي بهم إلى نيل معارف الأئمّة(علیهم السلام).
تهدف هذه المؤسّسة _ التي تأسّست بدافع إحياء آثار هذه الثلَّة المخلصة التي تحمّلت على عاتقها مهمّة الدفاع عن معارف الوحي والعلوم الإلهيّة الأصيلة _ إلى نشر هذا الفكر عبر الوسائل العصريّة المتاحة ومن اللّه التوفيق.
ص: 5
اللَّهُمَّ کُنْ لِوَلِیِّکَ الحُجَهِ بنِ الحَسَن صَلَواتُکَ علَیهِ و عَلی آبائِهِ فِی هَذِهِ السَّاعَهِ وَ فِی کُلِّ سَاعَهٍ وَلِیّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِیلًا وَ عَیْناً حَتَّی تُسْکِنَهُ أَرْضَکَ طَوْعاً وَ تُمَتعَهُ فِیهَا طَوِیلا
ص: 6
مقدّمة المترجم 11
مقدّمة المؤلّف.. 17
من الأهداف المهمّة في بعثة الأنبیاء. 19
إصلاح النیّة 21
الریاء شرک خفيّ. 27
الشرک في الطاعة 29
الشرک بالأسباب الطبیعیّة 33
التکبّر و التواضع. 35
العجب.. 41
الفخر بالنفس.. 45
الحسد 47
البخل. 51
حسن الخلق و سوء الخلق. 53
ص: 7
الصبر. 57
التوکّل علی الله.. 63
الاعتصام بالله. 65
الخوف و الرجاء و حسن الظنّ بالله تعالی. 67
الصدق و الکذب.. 71
أقبح الأکاذیب.. 75
الوفاء بالعهد و نقضه 77
الوفاء بالوعد ونقضه 79
العدل و الظلم 83
أداء الأمانة و الخیانة 89
العمل و السعي في الإسلام 93
الصناعة 103
القواعد العامّة في المعاملات.. 103
ذو الوجهین وذو اللسانین. 109
الغضب.. 111
ص: 8
کظم الغیظ. 113
حسن القول والبذاءة 117
العداوة والحقد والهجر والقطع. 121
الحرص... 127
الطمع. 129
الحیاء والوقاحة 131
سوء الظنّ والتهمة بالمؤمنین والتجسّس عن. 135
النمیمة 137
البهتان. 141
الغیبة 145
السخریّة والتنابز بالألقاب.. 149
استخفاف المؤمن وإهانته وتحقیره وإیذاءه وتخویفه 151
سبّ المؤمن والطعن فیه ولعنه وتعییره وتکفیره 155
الرؤیة الإسلامیّة 157
الصلح والمداراة 159
ص: 9
الاهتمام بأمور المسلمین. 161
الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر. 167
طلب الخیر للناس.. 175
الاتّحاد أمام الأعداء. 177
التفوّق بالتقوی والإیمان والعلم 181
الإنفاق. 185
الإحسان إلی الوالدین والأقربین. 195
حبّ الدنیا 201
المصادر. 211
الملخّص... 220
ص: 10
الحمدلله ربّ العالمین والصلاة والسلام علی سیدنا و نبیّنا محمّد وآله الطاهرین ولا سیّما الحجّة بن الحسن المهديّ فداه أرواح العالمین.
إنّ الله تبارک و تعالی بعث الأنبیاء في هذه الدنیا الدنیّة وابتلاهم بابتلائات عظيمة؛ فإنّ زکریا(علیه السلام) قطّعوه و هو حيّ بعد أن دخل في الشجرة خوفاً من قومه،(1)
واتهموا موسی(علیه السلام) بإرتکاب الخطایا، وعزموا علی قتل عیسی(علیه السلام) وألقوا إبراهیم الخلیل في النار لکي یحرقوه و... إلّا أنّ نبیّنا الأکرم(صلی الله علیه واله) أوذي و هجّر و حورب من قبل قومه حتّی قال:
مَا أُوذِيَ نَبِيٌّ مِثْلَ مَا أُوذِيت.(2)
والسؤال الذي یطرح نفسه هنا: ما الهدف من ارسال الرسل
ص: 11
إلی الناس؟
إنّ أحسن الوجوه في الإجابة علی هذا السؤال هو کلام الله سبحانه في القرآن الکریم حیث یقول تعالی:
«... وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ...».(1)
ویقول النبيّ الأکرم(صلی الله علیه واله) :
إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.(2)
ولأجل ذلك إذا أردنا أن نلبّي دعوة الأنبیاء و أهل البیت(علیهم السلام) و ننصر إمامنا و ولیّنا الحجّة بن الحسن(عجل الله تعالی فرجه الشریف) في زمن الغیبة یجب أن یکون من أهدافنا تحصیل مکارم الأخلاق، فإنّ الإمام الصادق(علیه السلام) یقول:
مَن سَرَّهُ أن يَكُونَ مِن أصحَابِ القَائِمِ فَليَنتَظِر وَليَعمَل بِالوَرَعِ وَمَحَاسِنِ الأخلَاقِ، وَهُوَ مُنتَظِرٌ.(3)
وقد ورد فی هذا الکتاب القیّم جملة من وصایا أهل البیت(علیه السلام) لإیصال الإنسان إلی الکمالات في الجانب الفرديّ والإجتماعيّ.
ص: 12
كان الميرزا جواد الطهرانيّ(رحمة الله) الولد الثالث للحاجّ محمّد تقي سقط فروش الباجناريّ، ولد في سنة 1322 الهجريّة في طهران.
طلب العلوم الدينيّة من عنفوان شبابه وتتلمذ على يد علماء الحوزة العلميّة في قم والنجف و مشهد، وكان اكثر استفادته من آية الله الميرزا مهدي الاصفهانيّ _ رائد المدرسة المعارفيّة والذي عكف علی تبیین أباطیل آراء الفلاسفة والعرفاء ومبانيهم واثبات حقائق الوحي التي جاء بها رسول الله(صلی الله علیه واله) وأهل البيت(علیهم السلام) في شتّى الحقول المعارفيّة _ فتعلّم منه مدّة عشر سنوات المباني الأصوليّة للمرحوم آية الله النائينيّ، والفقه، ومعارف أهل البيت(علیهم السلام).
لقد كرّس حياته تبعا لأستاذه «رحمة الله عليهما» في تعليم علوم النبي وأهل بيته(علیهم السلام) وبیان مباینتها للفلسفة والعرفان، فدرّس الفقه والاصول والمعارف والتفسير _ على ضوء ما ورد من أهل البيت(علیهم السلام) في العلوم القرآنيّة ضمن دورتين _ ما يقارب 45 عاماً، كما أنّه كان يدرّس نقد شرح المنظومة للسبزواريّ.
من صفاته البارزة والتي امتاز بها بين أقرانه أنّه كان يهتمّ
ص: 13
كثيراً بقضاء حوائج المؤمنين، فبنيت تبعاً لإرشاداته، أوّل مشفى خيريّة في مشهد المقدّسة عام1334ه-.ش، وكذا أوّل صندوق للقرض الحسنة في ايران عام 1343ه-.ش.
ارتحل هذا العالم الجليل والمفسّر الكبير سحر يوم الثلاثاء 23 ربيع الأوّل 1410، ووري جثمانه الطاهر في مقبرة (بهشت رضا) في مشهد المقدّسة بناء على وصيّته.
1. بررسی در پیرامون اسلام (ردّاً على نظريات أحمد كسرويّ).
2. فلسفه بشری واسلامی (نقداً للمارکسیّة).
3. بهایی چه میگوید؟ (ردّاً علی الفرقة الضالة البهائيّة).
4. عارف وصوفي چه میگویند؟ (بیاناً لمبادي وأصول التصوّف والعرفان وردّها).
5. میزان المطالب (المباحث العقائديّة على منهج الوحي).
6. تفسير مصباح الهدى (تقريراً لدروس التفسير من سورة الحمد إلى آخر سورة البقرة).(1)
7. آئين زندگی ودرسهای اخلاق اسلامی (الکتاب الحاضر).
ص: 14
الأثر الحاضر هو تعریب کتاب آئین زندگی و درسهای اخلاق اسلامی یشتمل علی بعض الآیات والروایات في الأخلاق الإسلامیّة ومنهج لبعض شؤون الحیاة، وقد ذکر المؤلّف في مقدّمة الکتاب أنّ ذکر عناوین الموضوعات وکذا الآیات والروایات یتناسبان مع الهدف من تألیف الکتاب ولم یلحظ فیها ترتیب خاصّ.
طبع هذا الكتاب في زمن حياة المؤلف عام 1349ه-.ش ثمّ طبع مرّات عديدة بواسطة مؤسّسة «در راه حق» في القطع الرقعيّ ضمن 176 صفحة، ولمّا كان كتاباً مفيداً لكلّ انسان مؤمن عكفت على ترجمته بتوفيق الله.
وقد قامت مؤسّسة عالم آل محمّد(علیهم السلام) المعارفيّة بتحقيقه واضافة بعض المصادر _ فيما ذكر فيه مصدراً واحداً_ كي يصل المحقّق إلى المصادر الأصليّة بسهولة.
وفي الختام اشكر الشيخ الفاضل مرتضى الاعداديّ الخراسانيّ لارشاده لترجمة هذا الأثر القيّم، وكذا الأخ العزيز
ص: 15
السيّد فاضل الرضويّ لمساعدته في تقويم النصّ وتصحيحه، راجياً من القرّاء الكرام الدعاء لي ولوالدي إنّه وليّ التوفيق.
حميد الخبيريّ النوغانيّ
ذکری میلاد عقیلة بني هاشم السیّدة زینب(علیها السلام)
5 جمادی الأوّل 1435
مشهد المقدّسة
ص: 16
سألني جمع من الأصدقاء أن أکتب کتاباً ینتفع به العموم مشتملاً علی دروس الأخلاق الإسلامیّة وهادیاً في مختلف مجالات الحیاة. وبعد مضيّ أیّام خطر ببالي أن أجمع بعض آیات القرآن الکریم وأحادیث الرسول والأئمّة(علیهم السلام) في خصوص هذا العمل بلا تکلّف، لنفسی حتّی یتعلّم القرّاء المحترمین بنحو أحسن ویستفیدوا أکثر عبر ارتباطهم المباشر بکلمات الوحي وتعابیر الروایات المنقولة من النبيّ وآله(علیهم السلام)(1) ولهذا ألّفت هذا الکتاب وسمّیته منهاج الحیاة ودروس الأخلاق الإسلامیّة ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظیم.
1. لم أراع في تألیف هذا الکتاب وترتیب مواضیعه نظماً خاصّاً وکذا في نقل الآیات والروایات، بل دوّنت المواضیع والمطالب المتناسبة مع الغرض من تألیفه التي کانت تخطر ببالي تدریجيّاً مع ذکر المصادر حتّی لا أقع في تعب لتنظیم المطالب وترتیبها أو ذکر المصادر.
ص: 17
2. لم أذکر في کلّ موضوع جمیع الآیات والروایات الواردة فیه بل ذکرت بعضاً منهما.
3. کان اهتمامي في نقل الروایات من المصادر المعتبرة ولهذا أمعنت النظر في أن تکون الروایات المنقولة عن کتاب مستدرک الوسائل مأخوذة من مصادرها المعتبرة.(1)
وما توصّلت إلیه وفهمته هو أنّ الناس لو التزموا بأوامر الإسلام في حیاتهم الفردیّة والاجتماعیّة
نالوا حیاة منظّمة برفاهیّة في الدنیا والآخرة. نعم إنّ الطریق الوحید للرقي والسعادة الحقیقیّة في الدنیا والآخرة والخلاص من الاضطراب والوحشة في مختلف مجالات الحیاة الدنیویّة یکون في اتّباع التعالیم والأوامر الإسلامیّة.
لا یخالف الإسلام استخراج الکنوز من الأرض والصناعة والاختراعات المادّیّة والعلوم الحسّیّة والتجربیّة ولکن یقول: «لو أراد الإنسان أن یعیش حیاة سعیدة في هذا الیوم وفي ظلّ الحیاة الصناعیّة وینجوا من مهالک الدنیا والآخرة فعلیه أن یتبع أوامره التي وضعت للمصالح الواقعيّة علی الصعیدین الفرديّ و الإجتماعيّ».
والسلام علی من اتّبع الهدی
ص: 18
یستفاد من آیات القرآن الکریم والأحادیث الشریفة أنّ من الأهداف المهمّة التي بعث لأجلها الأنبیاء لاسیّما خاتمهم «صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین» الهدایة إلی تهذیب الأخلاق و تطهیر أرواح البشر من الرذائل. وبعبارة أخری: تربیة الناس وتبیین سنن وقوانین الحیاة التي في ظلّ تعلّمها والعمل بها یصلون إلی صلاحهم الواقعيّ والسعادة الحقیقیّة في الدنیا والآخرة، ویصانون من الرذائل والقبائح والاضطرابات النفسيّة.
1. «كَمَا أَرسَلنَا فِيكُم رَسُولاً مِنكُم يَتلُوا عَلَيكُم آياتِنَا وَيُزَكِّيكُم [من الجهل والکفر والرذائل الأخلاقیّة] وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَا لَم تَكُونُوا تَعلَمُونَ [بواسطة الوحي ما لم تصلوا إلیه عن طریق التفکّر]* فَاذكُرُوني أَذكُركُم وَ اشكُرُوا لي وَلَا تَكفُرُونَ».(1)
ص: 19
2. «لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسُولاً مِن أَنفُسِهِم يَتلُوا عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفي ضَلَالٍ مُبينٍ».(1)
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاق.(2)
2. روي عن النبيّ(صلی الله علیه واله): عَلَيكُم بِمَكَارِمِ الأَخلَاقِ، فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) بَعَثَنِي بِهَا.(3)
3. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ خَلقَهُ أَرَادَ أَن يَكُونُوا عَلَى آدَابٍ رَفِيعَةٍ وَأَخلَاقٍ شَرِيفَةٍ فَعَلِمَ أَنَّهُم لَم يَكُونُوا كَذَلِكَ إِلَّا بِأَن يُعَرِّفَهُم مَا لَهُم وَمَا عَلَيهِم وَالتَّعرِيفُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالأَمرِ وَالنَّهيِ [بواسطة الأنبیاء].(4)
ص: 20
من أهمّ أسس الإصلاح في المجتمع إصلاح نیّة الأفراد فیه.(1) إن تکن أعمال الإنسان لرضی الله وامتثالاً لأوامره فقط أو لتحصیل الثواب الأخرويّ والنجاة من العذاب الإلهيّ وانتقامه، ینتهي ذلک إلی صلاحه وسعادته في الدنیا والآخرة وکذا إلی خیر المجتمع. وإن تکن لأجل الشؤون والمنافع الدنیویّة من الرئاسة والشهرة والمال والثروة إلی غیر ذلک من الأمور الدنیویّة فلا تکون نتیجته مطلوبة ولا ینتهي إلی السعادة الأبدیّة للبشر. نعم إنّ أشرف وأعلی هدف لعمل کلّ فرد في المجتمع هو تحصیل رضی ربّ العالمین الذي في ظلّ رضاه تحصل السعادة الأبدیّة والنجاة من العذاب الأبديّ. إنّ المجتمع الذي یکون له هذا الهدف السامي لن یکون فیه أيّ ظلم وإعتداء وفسق وجور. وقد أعطی القرآن الکریم والأحادیث الشریفة اهتماماً بالغاً لتصحیح النیّة والإخلاص فیها.
ص: 21
1. «أَلا لِلّهِ الدِّينُ الخالِصُ [من کلّ شرک وریاء]».(1)
2. «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعبُدُوا اللهَ مُخلِصينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دينُ [الملّة_ الشریعة] القَيِّمَةِ».(2)
3. «فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً».(3)
4. «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشري نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاتِ الله وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالعِبادِ [أي بمن کان کذلک]».(4)
5. «وَمَثَلُ الَّذينَ يُنفِقُونَ أَموالَهُمُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ وَتَثبيتاً مِن أَنفُسِهِم [علی الإیمان والطاعة] كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبوَةٍ أَصابَها وابِلٌ [المطر الغزیر] فَآتَت أُكُلَها ضِعفَينِ فَإِن لَم يُصِبها وابِلٌ فَطَلٌّ [المطر الخفیف] وَاللَّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصير».(5)
6. «وَما تُنفِقُوا مِن خَيرٍ فَلِأَنفُسِكُم وَما تُنفِقُونَ إِلَّا ابتِغاءَ وَجهِ اللَّهِ
ص: 22
[أي: لا یحقّ لکم الإنفاق لغیر وجه الله] وَما تُنفِقُوا مِن خَيرٍ يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لَا تُظلَمُونَ».(1)
7. «لَا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلَّا [نجوی] مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النَّاسِ وَمَن يَفعَل ذلِكَ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجراً عَظيماً».(2)
8. «مَن كانَ يُريدُ [بعمله] حَرثَ الآخِرَةِ [وثوابه] نَزِد لَهُ في حَرثِهِ [فنعطیه من الثواب عشرة أضعاف عمله علی أقلّ التقادیر] وَمَن كَانَ يُريدُ [لعمله] حَرثَ الدُّنيا [ونفعها] نُؤتِهِ مِنها [بمقدار ما تقتضیه الحکمة] وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصيبٍ».(3)
9.«مَن كَانَ يُريدُ [بعمله] الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَهَا نُوَفِّ [أجرهم] إِلَيهِم أَعمالَهُم فيهَا وَهُم فيهَا لَا يُبخَسُونَ * أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فيهَا وَباطِلٌ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ».(4)
10. «مَن كَانَ يُريدُ [بعمله] العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيهَا [من متاع
ص: 23
الدنیا] مَا نَشاءُ لِمَن نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ [في یوم القیامة] جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمُوماً مَدحُوراً * وَمَن أَرادَ [بعمله] الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا [لثواب الآخرة] سَعيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ كَانَ سَعيُهُم مَشكُوراً [ومأجوراً]».(1)
الروایات
1. قال الصادق(علیه السلام): إِنَّ اللهَ يَحشُرُ النَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِم يَومَ القِيَامَةِ.(2)
2. في قول الله(عزوجل): «فَمَن كانَ يَرجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً» قال الصادق(علیه السلام): الرَّجُلُ يَعمَلُ شَيئاً مِنَ الثَّوَابِ لَا يَطلُبُ بِهِ وَجهَ اللهِ إِنَّمَا يَطلُبُ تَزكِيَةَ النَّاسِ يَشتَهِي أَن يُسمِعَ بِهِ النَّاسَ فَهَذَا الَّذِي أَشرَكَ بِعِبَادَةِ رَبِّه.(3)
3. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى فَمَن غَزَا ابتِغَاءَ مَا عِندَ الله فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَمَن غَزَا يُرِيدُ عَرَضَ الدُّنيَا أَو نَوَى عِقَالاً [خراجاً وزکوة] لَم
ص: 24
يَكُن لَهُ إِلَّا مَا نَوَى.(1)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): وَمَن طَلَبَ عِلماً لِيَضرِب [لیصرف خ] بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيهِ لَم يَجِد رِيحَ الجَنَّةِ.(2)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام): مَن أَرَادَ الحَدِيثَ لِمَنفَعَةِ الدُّنيَا لَم يَكُن لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ وَمَن أَرَادَ بِهِ خَيرَ الآخِرَةِ أَعطَاهُ اللهُ خَيرَ الدُّنيَا وَالآخِرَة.(3)
6. قال الصادق(علیه السلام): كُلُّ رِيَاءٍ شِركٌ إِنَّهُ مَن عَمِلَ لِلنَّاسِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى النَّاسِ وَمَن عَمِلَ لِله كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى الله.(4)
7. قال الصادق(علیه السلام): قَالَ اللهُ تَعَالَی: أَنَا أَغنَى الأَغنِيَاءِ عَنِ الشَّرِيكِ فَمَن أَشرَكَ مَعِي غَيرِي فِي عَمَلٍ لَم أَقبَلهُ إِلَّا مَا كَانَ لِي خَالِصاً.(5)
8. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): بِالإِخلَاصِ يَكُونُ الخَلَاصُ [من
ص: 25
عذاب الله].(1)
7. قال الباقر(علیه السلام): لَو أَنَّ عَبداً عَمِلَ عَمَلاً يَطلُبُ بِهِ وَجهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَة وَأَدخَلَ فِيهِ رِضَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ مُشرِكاً [بالشرک الریائيّ].(2)
10. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً وَمَا بَلَغَ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِخلَاصِ حَتَّى لَا يُحِبَّ أَن يُحمَدَ عَلَى شَي ءٍ مِن عَمَلٍ [لِلهِ في خبر ابن فهد].(3)
11. قال الصادق(علیه السلام): وَالعَمَلُ الخَالِصُ الَّذِي لَا تُرِيدُ أَن يُحمِدَكَ عَلَيهِ أَحَدٌ إِلَّا الله(عزوجل).(4)
ص: 26
الریاء حرام ومبطل للعبادة وهو من أقسام الشرک، وهو أن يعبد الإنسان ربّه إظهاراً للخلق.
کلّ عبادة یأتي بها الإنسان بداعي امتثال الأوامر الإلهیّة لتحصیل رضاه أو شکراً لنعمه أو التقرّب إلیه أو حبّه أو للنجاة من عذابه أو تحصیل الثواب فهي صحیحة، وإن أتی بها لتحصیل رضی غیر الله أو تحصیل منافع الدنیا من الرئاسة والشهرة و... فهي باطلة.(1)
1. في تفسیر القميّ في ذیل آیة «فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً»(2) عن
ص: 27
الباقر(علیه السلام): سُئِلَ رَسُولُ الله(صلی الله علیه واله) عن تَفسِيرِ هذه الآیة فَقال(صلی الله علیه واله): مَن صَلَّى مُرَاءَاةَ النَّاسِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَمَن زَكَّى مُرَاءَاةَ النَّاسِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَمَن صَامَ مُرَاءَاةَ النَّاسِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَمَن حَجَّ مُرَاءَاةَ النَّاسِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَمَن عَمِلَ عَمَلاً مِمَّا أَمَرَ اللهُ بِهِ مُرَاءَاةَ النَّاسِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَلَا يَقبَلُ الله عَمَلَ مُرَاءَاةٍ.(1)
2. عن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عن آبَائِهِ(علیهم السلام) أَنَّ رَسُولَ الله(صلی الله علیه واله) سُئِلَ فِيمَا النَّجَاةُ غَداً؟ فَقال: إِنَّمَا النَّجَاةُ فِي أَن لَا تُخَادِعُوا الله فَيَخدَعَكُم فَإِنَّهُ مَن يُخَادِعِ اللهَ يَخدَعهُ وَيَخلَع مِنهُ الإِيمَانَ وَنَفسَهُ يَخدَعُ لَو يَشعُرُ [في الحقیقة]. قِيلَ لَهُ: فَكَيفَ يُخَادِعُ اللهَ؟ قَالَ: يَعمَلُ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ ثُمَّ يُرِيدُ بِهِ غَيرَهُ فَاتَّقُوا اللهَ فِي الرِّيَاءِ فَإِنَّهُ الشِّركُ بِالله، إِنَّ المُرَائِيَ يُدعَى يَومَ القِيَامَةِ بِأَربَعَةِ أَسمَاءَ: يَا كَافِرُ يَا فَاجِرُ يَا غَادِرُ يَا خَاسِرُ حَبِطَ عَمَلُكَ وَبَطَلَ أَجرُكَ فَلَا خَلَاصَ لَكَ اليَومَ فَالتَمِس أَجرَكَ مِمَّن كُنتَ تَعمَلُ لَهُ.(2)
ص: 28
من المناسب هنا أن نذکر بعض أقسام الشرک الذي منه الشرک في الطاعة وهو أن یعصي الإنسان ربّه إطاعة لغیره وطلباً لرضاه.
1. «وَمَا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُشرِكُونݡَ [أي إنّهم مع إیمانهم بالله ورسوله إلّا أنّهم یعصون الله بإطاعة الشیطان فهم مشرکون في الطاعة]».(1)
2. «وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً [یعصون الله بإطاعتهم] لِيَكُونُوا لَهُم عِزّاً * كَلَّا سَيَكفُرُونَ بِعِبادَتِهِم [وطاعتهم] وَيَكُونُونَ عَلَيهِم ضِدّاً».(2)
3. «إتَّخَذُوا [أهل الکتاب] أَحبارَهُم وَرُهبانَهُم أَربَابَاً [بإطاعتهم في معصیة الله] مِن دُونِ اللَّهِ».(3)
ص: 29
4. «أَ رَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [أي: عصی الله بإطاعة هواه]».(1)
5. «قُل يَا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم أَلَّا نَعبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضاً أَرباباً مِن دُونِ الله
[بإطاعتهم في معصیة الله] فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنَّا مُسلِمُونݡَ».(2)
6. «أَ لَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لَا تَعبُدُوا الشَّيطانَ [بإطاعته] إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ * وَأَنِ اعبُدُوني [وأطیعوني] هذا صِراطٌ مُستَقيمٌ».(3)
1. عن الصادق(علیه السلام) في آیة: «وَمَا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِالله إِلَّا وَهُم مُشرِكُونَ» قال(علیه السلام): شِركُ طَاعَةٍ وَلَيسَ شِركَ عِبَادَة.(4)
2. عن الصادق(علیه السلام) في هذه الآیة قال(علیه السلام): يُطِيعُ
ص: 30
الشَّيطَانَ مِن حَيثُ لَا يَعلَمُ فَيُشرِكُ [بالشرک في الطاعة].(1)
3. وعن الباقر(علیه السلام): شِركُ طَاعَةٍ وَلَيسَ شِركَ عِبَادَةٍ وَالمَعَاصِي الَّتِي يَرتَكِبُونَ شِركُ طَاعَةٍ أَطَاعُوا فِيهَا الشَّيطَانَ فَأَشرَكُوا بِالله فِي الطَّاعَةِ لِغَيرِهِ وَلَيسَ [المراد من الآیة الشریفة] بِإِشرَاكِ عِبَادَةٍ أَن يَعبُدُوا غَيرَ اللهِ.(2)
4. عن الرضا(علیه السلام) في كتابه إلى المأمون قال: وَبِرُّ الوَالِدَينِ وَاجِبٌ وَإِن كَانَا مُشرِكَينِ
وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ وَلَا لِغَيرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا [أي: لا یجوز] طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ.(3)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام) في قوله(عزوجل): «وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُم عِزًّا كَلَّا سَيَكفُرُونَ بِعِبادَتِهِم وَ يَكُونُونَ عَلَيهِم ضِدّاً» قَالَ(علیه السلام): لَيسَ العِبَادَةُ هِيَ السُّجُودَ وَالرُّكُوعَ إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الرِّجَالِ، مَن أَطَاعَ المَخلُوقَ فِي
ص: 31
مَعصِيَةِ الخَالِقِ فَقَد عَبَدَهُ.(1)
6. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا [أي: لا یجوز] طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ.(2)
ص: 32
إنّ الشرک بالأسباب الطبیعیّة هو أن یتوجّه الإنسان إلی الوسائل والأسباب الطبیعیّة فحسب، ویسند الآثار إلیها مستقلّاً. وبعبارة أخری یزعم أنّ منشأ جمیع الأمور والحوادث منحصر في العلل والأسباب الظاهریّة.
1. عن الصادق(علیه السلام) في تفسیر «وَمَا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُشرِكُونَ» قَالَ(علیه السلام): هُوَ قَولُ الرَّجُلِ لَو لَا فُلَانٌ لَهَلَكتُ [من الجوع مثلاً] وَلَو لَا فُلَانٌ لَمَا أَصَبتُ كَذَا وَكَذَا وَلَو لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِيَالِي، أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَد جَعَلَ لِله شَرِيكاً فِي مُلكِهِ يَرزُقُهُ وَيَدفَعُ عَنهُ. قیل: فَیقُولُ لَو لَا أَنَّ الله مَنَّ عَلَيَّ بِفُلَانٍ لَهَلَكتُ. قَالَ(علیه السلام): نَعَم لَا بَأسَ بِهَذَا.(1)
ص: 33
2. نقل عن الباقر والصادق(علیهما السلام) في تفسیر هذه الآیة فقالا: شرك النّعم یعني أنّ النّاس یغفلون في النّعم الإلهيّة من المنعم الحقیقيّ ویسندونها إلی الوسائط فقط فیجعلون غیر الله شریکا له في إیصال النّعمة وإعطائها.
وعن الرِّضَا(علیه السلام): شِركٌ لَا يَبلُغُ بِهِ الكُفر.(1)
ص: 34
إنّ من الصفات السیّئة التکبّر، وهو أن یری الإنسان نفسه أفضل وأعلی من الآخرین ویحقّرهم بأفعاله وأقواله. والفرق بینه وبین «العجب» المذکور بعدُ، أنّ في العجب یکون الإنسان معجباً بنفسه ویری نفسه ممتازاً ولا یقیس نفسه بالآخرین، ولکن في الکبر یقیس نفسه بالآخرین ویری نفسه أفضل وأعلی منهم وضدّه التواضع وهو من الصفات الحمیدة.
1. «وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طُولاً [برجلک]».(1)
2. «وَلَا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً إِنَّ الله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخُورٍ* وَاقصِد في مَشيِكَ وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصواتِ لَصَوتُ الحَميرِ».(2)
ص: 35
3. «وَاخفِض جَناحَكَ [یدک وکتفک وجوارحک] لِلمُؤمِنين».(1)
4. «وَاخفِض جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ [أي: کن متواضعاً]».(2)
1. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): التَّوَاضُعُ أَن تُعطِيَ النَّاسَ مَا تُحِبُّ أَن تُعطَاهُ.(3)
2. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): التَّوَاضُعُ دَرَجَاتٌ مِنهَا أَن يَعرِفَ المَرءُ قَدرَ نَفسِهِ فَيُنزِلَهَا مَنزِلَتَهَا بِقَلبٍ سَلِيمٍ لَا يُحِبُّ أَن يَأتِيَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا مِثلَ مَا يُؤتَى إِلَيهِ، إِن رَأَى سَيِّئَةً دَرَأَهَا بِالحَسَنَةِ كَاظِمُ الغَيظِ عَافٍ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ المُحسِنِينَ.(4)
3. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ مِنَ [علائم] التَّوَاضُعِ أَن يَرضَى بِالمَجلِسِ دُونَ المَجلِسِ وَأَن يُسَلِّمَ عَلَى مَن يَلقَى وَأَن
ص: 36
يَترُكَ المِرَاءَ وَإِن كَانَ مُحِقّاً وَلَا تُحِبَّ أَن تُحمَدَ عَلَى التَّقوَى.(1)
4. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَ التَّوَاضُعَ يَزِيدُ صَاحِبَهُ رِفعَةً فَتَوَاضَعُوا يَرفَعكُمُ الله.(2)
5. عن الصادق(علیه السلام): إِيَّاكُم والعَظَمَةَ وَالكِبرَ فَإِنَّ الكِبرَ رِدَاءُ الله(عزوجل) فَمَن نَازَعَ الله رِدَاءَهُ قَصَمَهُ الله وَأَذَلَّهُ يَومَ القِيَامَةِ.(3)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): أَكثَرُ أَهلِ جَهَنَّمَ المُتَكَبِّرُونَ.(4)
7. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ وَأَقرَبَكُم مِنِّي يَومَ القِيَامَةِ مَجلِساً أَحسَنُكُم خُلُقاً وَأَشَدُّكُم تَوَاضُعاً وَإِنَّ أَبعَدَكُم مِنِّي يَومَ القِيَامَةِ الثَّرثَارُونَ وَهُمُ المُستَكبِرُونَ.(5)
8. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): أَقبَحُ الخُلُقِ التَّكَبُّرُ * شَرُّ آفَاتِ
ص: 37
العَقلِ الكِبرُ * إِيَّاكَ وَالكِبرَ فَإِنَّهُ أَعظَمُ الذُّنُوبِ وَأَلأَمُ العُيُوبِ وَهُوَ حِليَةُ إِبلِيس* التَّوَاضُعُ يَرفَعُ [الإنسان] وَالتَّكَبُّرُ يَضَعُ.(1)
9. قال الصادق(علیه السلام): عَلَيكُم بِحُبِّ المَسَاكِينِ المُسلِمِينَ فَإِنَّ مَن حَقَّرَهُم وَتَكَبَّرَ عَلَيهِم فَقَد زَلَّ عَن دِينِ الله وَاللهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِت.(2)
10. قال الرضا(علیه السلام) في رسالته إلی المأمون: (الکبائر) هِيَ قَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ الله تَعَالَى وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُربُ الخَمرِ وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ... الكِذبُ وَالكِبرُ وَالإِسرَافُ وَالتَّبذِيرُ وَالخِيَانَة... .(3)
11. عن جعفر بن محمّد(علیهما السلام): وَالكَبَائِرُ مُحَرَّمَةٌ وَهِيَ الشِّركُ بِالله وَقَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ الله وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ (إلی أن قال(علیه السلام)) وَاستِعمَالُ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرُ وَالكَذِبُ
ص: 38
وَالإِسرَافُ وَالتَّبذِيرُ وَالخِيَانَةُ.(1)
12. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام) في عهد له إلی محمّد بن أبي بکر حین قلّده مصر: فَاخفِض لَهُم جَنَاحَكَ [أي: کن متواضعاً] وَأَلِن لَهُم جَانِبَكَ [أي: عاملهم بالمداراة] وَابسُط لَهُم وَجهَك.(2)
13. قال الرضا(علیه السلام): مَن لَقِيَ فَقِيراً مُسلِماً فَسَلَّمَ عَلَيهِ خِلَافَ سَلَامِهِ عَلَى الغَنِيِّ لَقِيَ اللهَ(عزوجل) يَومَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيهِ غَضبَانُ.(3)
ص: 39
ص: 40
العجب: الإعجاب بالنفس، الأنانیّة وتعظیم الإنسان نفسه لوصف من الأوصاف النفسانیّة أو لرأيه في الأمور أو للعمل الذي یعمله، من أقبح الحالات وموجب للهلاک، وقد ورد المنع والذمّ عنه في الإسلام.
1. قال الصادق(علیه السلام): مَن دَخَلَهُ العُجبُ هَلَكَ.(1)
2. عن أحدهما(علیهما السلام): دَخَلَ رَجُلَانِ المَسجِدَ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ فَاسِقٌ فَخَرَجَا مِنَ المَسجِدِ وَالفَاسِقُ صِدِّيقٌ وَالعَابِدُ فَاسِقٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَدخُلُ العَابِدُ المَسجِدَ مُدِلّاً بِعِبَادَتِهِ يُدِلُّ بِهَا فَتَكُونُ فِكرَتُهُ فِي ذَلِكَ وَتَكُونُ فِكرَةُ الفَاسِقِ فِي التَّنَدُّمِ عَلَى فِسقِهِ وَيَستَغفِرُ اللَّهَ مِمَّا صَنَعَ مِنَ الذُّنُوبِ.(2)
ص: 41
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): ثَلَاثٌ مُهلِكَاتٌ: هَوَىً مُتَّبَعٌ وَ شُحٌّ مُطَاعٌ وَإِعجَابُ المَرءِ بِنَفسِهِ.(1)
4. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): حَسبُكَ مِنَ الجَهلِ أَن تُعجِبَ بِعِلمِكَ.(2)
5. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): سَيِّئَةٌ تَسُوؤُكَ خَيرٌ عِندَ الله مِن حَسَنَةٍ تُعجِبُكَ.(3)
6. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): إِعجَابُ المَرءِ بِنَفسِهِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعفِ عَقلِهِ.(4)
7. قال الباقر(علیه السلام): ثَلَاثٌ قَاصِمَاتُ الظَّهرِ: رَجُلٌ استَكثَرَ عَمَلَهُ وَنَسِيَ ذُنُوبَهُ وَأُعجِبَ بِرَأيِه.(5)
ص: 42
8. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): العُجبُ دَرَجَاتٌ: مِنهَا أَن يُزَيَّنَ لِلعَبدِ سُوءُ عَمَلِهِ فَيَرَاهُ حَسَناً فَيُعجِبَهُ وَيَحسَبَ أَنَّهُ يُحسِنُ صُنعاً(1)
وَمِنهَا أَن يُؤمِنَ العَبدُ بِرَبِّهِ فَيَمُنَّ عَلَى اللهِ(عزوجل) وَلِلهِ عَلَيهِ فِيهِ المَنُّ.(2)
إنّ منشأ العجب في الإنسان غالباً یکون بسبب الجهل، فإنّ المعجَب بنفسه لا یعرف حقیقة ذاته ولا یعرف خالقه حقّ المعرفة، وکذا لا یعرف فقره الذاتيّ وعظمة الله(عزوجل) ولهذا یتباهی بکمالاته المادّیّة والبدنیّة والروحیّة وبرأیه وفکره وبأعماله الحسنة، غافلاً عن أنّ الکمالات الروحیّة والنعم المادّیّة من فضل الله(عزوجل)، وأنّ التفکّر الصحیح والرأي الصائب والأعمال الحسنة کلّها بتوفیق الله وتأییده.(3) إذن لا مجال لإعجاب المرء
ص: 43
بنفسه وربّما یصیر هذا العجب منشأ لتزکیة الإنسان نفسه امام الآخرین.
ص: 44
الفخر بالنفس أي مدحها وقد ورد الذمّ والمنع عنه في القرآن الکریم والأحادیث.
1. «أَ لَم تَرَ إِلَى الَّذينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم[کیف یعملون عملاً قبیحاً] بَلِ الله [أي: یستطیع أن] يُزَكِّي مَن يَشاءُ [من هو أهل لها] وَلَا يُظلَمُونَ فَتيلاً».(1)
2. «هُوَ أَعلَمُ بِكُم [بحالکم] إِذ أَنشَأَكُم مِنَ [النطفة والنطفة من الطعام والطعام من] الأَرضِ وَإِذ أَنتُم أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُم فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم [بل، أحمدوا الله علی نعمه علیکم] هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى».(2)
3. «وَأَمَّا بِنِعمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث [تکلّم عنها بانتسابها إلی الله]»(3).(4)
ص: 45
1. في تفسیر الصافي عن العلل عن الباقر(علیه السلام) في الآية «فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى»، قال: يَقُولُ: لَا يَفتَخِر أَحَدُكُم بِكَثرَةِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ وَنُسُكِهِ [أو سائر عباداته] لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقَى مِنكُم.(1)
2. في الصافي عن المعاني عن الصادق(علیه السلام) أنّه سئل عن هذه الآیة «فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم...» فقال(علیه السلام): قَولُ الإِنسَانِ [تزکیة لنفسه]: صَلَّيتُ البَارِحَةَ وَصُمتُ أَمسِ وَنَحوُ هَذَا.(2)
3. في الصافي، عن العيّاشيّ عن الصادق(علیه السلام): إِنَّهُ سُئِلَ هَل يَجُوزُ أن يُزَكِّي المَرءُ نَفسَهُ قَالَ: نَعَم إِذَا اضطُرَّ إِلَيهِ [والذي یحلَّل فیه نوعاً کلّ حرام] أَ مَا سَمِعتَ قَولَ يُوسُف: «اجعَلنِي عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» وَقَولَ العَبدِ الصَّالِح: «وَأَنَا لَكُم ناصِحٌ أَمِينٌ» [أي: إنّ یوسف زکّی نفسه _ عند الضرورة_ قائلاً «إنّي حفیظ علیه»، وکذا النبيّ صالح فقال: «أنا لکم ناصح أمین»].(3)
ص: 46
إنّ إظهار الحسد من أقبح الرذائل والعیوب وقد ورد النهي عنه في الإسلام وهو ترجّي زوال نعمة من الغیر لکي یُعطی تلک النعمة، أمّا إذا طلب مثلها من الله ولم یأمل زوالها من الآخرین فتُسمّی بالغبطة وهو غیر مذموم، وضدّ الحسد النصح وهو طلب الخیر للناس.
1. «أَم يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِن فَضلِه».(1)
2. «وَلَا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ وَاسئَلُوا اللَّهَ مِن فَضلِهِ [کي یعطیکم مثلما أعطی لغیرکم، لا أن یسلب تلک النعمة منهم ویعطیها لکم] إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَي ءٍ عَليماً».(2)
ص: 47
1. عن الصادق(علیه السلام) في تفسیر الآیة: أي لَا يَقُل أحَدُكُم لَيتَ مَا أُعطِي فُلَانٌ مِنَ المَالِ وَالنِّعمَةِ وَالمَرأةِ الحَسنَاءِ كَانَ لِي فِإنَّ ذَلِكَ يُكُونُ حَسَدَاً وَلَكِن يَجُوزُ أن يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعطِنِي مِثلَهُ.(1)
2. عن الصادق(علیه السلام): آفَةُ الدِّينِ الحَسَدُ وَالعُجبُ وَالفَخرُ.(2)
3. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ الحَسَدَ لَيَأكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ.(3)
4. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ المُؤمِنَ يَغبِطُ وَلَا يَحسُدُ، وَالمُنَافِقَ يَحسُدُ وَلَا يَغبِطُ [قد مرّ معنی الغبطة أوّل البحث].(4)
ص: 48
5. عن الصادق(علیه السلام): اتَّقُوا الله وَلَا يَحسُد بَعضُكُم بَعضا.(1)
6. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): أَفضَلُ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العَبدُ إِلَى الله بَعدَ المَعرِفَةِ بِهِ الصَّلَاةُ وَبِرُّ الوَالِدَينِ وَتَركُ الحَسَدِ وَالعُجبِ وَالفَخر.(2)
7. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): الحَسَدُ رَأسُ العُيُوب* الحَسُودُ لَا يَسُود * الحَسُودُ دَائِمُ السُّقمِ وَإِن كَانَ صَحِيحَ الجِسم * ثَمَرَةُ الحَسَدِ شَقَاءُ الدُّنيَا وَالآخِرَة * رَأسُ الرَّذَائِلِ الحَسَد * إِيَّاكَ وَالحَسَدَ فَإِنَّهُ شَرُّ شِيمَةٍ وَأَقبَحُ سَجِيَّة.(3)
ص: 49
ص: 50
إنّ البخل من الصفات الرذیلة المذمومة في الإسلام و هذه الصفة تسبب دنائة الإنسان وتضییع شأنه وشرفه وکذا حرمان المستحقّین من الحقوق التي یجب أداؤها إلیهم.
1. «وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ يَبخَلُونَ بِما آتاهُمُ الله مِن فَضلِهِ هُوَ خَيراً لَهُم بَل هُوَ شَرٌّ لَهُم».(1)
2. «هَا أَنتُم هؤُلاءِ تُدعَونَ لِتُنفِقُوا في سَبيلِ الله فَمِنكُم مَن يَبخَلُ وَمَن يَبخَل فَإِنَّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ [ویجلب الضرر علی نفسه] وَالله الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَراءُ».(2)
3. «إِنَّ الله لا يُحِبُّ مَن كانَ مُختالاً فَخُوراً * الَّذينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَيَكتُمُونَ ما آتاهُمُ الله مِن فَضلِهِ وَأَعتَدنا لِلكافِرينَ [لنقمة الله] عَذاباً مُهيناً».(3)
ص: 51
1. عن الرضا(علیه السلام): السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ الله قَرِيبٌ مِنَ الجَنَّةِ قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، وَالبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ الله بَعِيدٌ مِنَ الجَنَّةِ بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ.(1)
2. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِيَّاكُم وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم بِالشُّحِّ أَمَرَهُم بِالكَذِبِ فَكَذَبُوا وَأَمَرَهُم بِالظُّلمِ فَظَلَمُوا وَأَمَرَهُم بِالقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا.(2)
3. عن الباقر(علیه السلام): لَا يَكُونُ المُؤمِنُ جَبَاناً وَلَا حَرِيصاً وَلَا شَحِيحاً.(3)
ص: 52
من الخصال الممدوحة کثیراً في الإسلام حسن الخلق وضدّه سوء الخلق الذي ورد الذّمّ عنه کثیرا.
1. «وَلَو كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لَانفَضُّوا مِن حَولِكَ».(1)
حُسنِ الخُلُقِ.(1)
4. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): عَلَيكُم بِحُسنِ الخُلُقِ فَإِنَّ حُسنَ الخُلُقِ فِي الجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ وَإِيَّاكُم وَسُوءَ الخُلُقِ فَإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ فِي النَّارِ لَا مَحَالَةَ.(2)
5. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): مَا يُوضَعُ فِي مِيزَانِ امرِئٍ يَومَ القِيَامَةِ أَفضَلُ مِن حُسنِ الخُلُقِ.(3)
6. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّ صَاحِبَ الخُلُقِ الحَسَنِ لَهُ مِثلُ أَجرِ الصَّائِمِ القَائِمِ.(4)
7. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): الخُلُقُ السَّيِّئُ يُفسِدُ العَمَلَ [الصالح] كَمَا يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ.(5)
ص: 54
8. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفسِدُ العَمَلَ كَمَا يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ.(1)
9. عن الصادق(علیه السلام): مَن سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفسَهُ.(2)
10. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): مَا مِن تَائِبٍ إِلَّا وَقَد تَسلَمُ لَهُ تَوبَتُهُ مَا خَلَا السَّيِّئَ
الخُلُقِ لِأَنَّهُ لَا يَتُوبُ مِن ذَنبٍ إِلَّا وَقَعَ فِي غَيرِهِ أَشَرَّ مِنهُ.(3)
11. في بیان حدّ حسن الخلق روي عن الصادق(علیه السلام): تُلِينُ جَنَاحَكَ وَتُطِيبُ كَلَامَكَ وَتَلقَى أَخَاكَ [المسلم] بِبِشرٍ حَسَنٍ.(4)
ص: 55
ص: 56
قد حرّض الإسلام بشدّة علی الصبر وهو سبب للظفر والنجاح في جمیع الأمور.
1. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَعينُوا [علی أداء الفرائض وترک المحرّمات وفي المصائب والتقدّم في الأمور] بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرينَ».(1)
2. «وَ [یا أیّها الرسول] بَشِّرِ الصَّابِرينَ* الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالُوا إِنَّا [عباد الله و] لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ».(2)
3. «وَ [یا أیّها الرسول] بَشِّرِ المُخبِتينَ* الَّذينَ إِذا ذُكِرَ الله وَجِلَت قُلُوبُهُم [لعظمته] وَ [بشِّر] الصَّابِرينَ عَلى ما أَصابَهُم وَ [بشِّر] المُقيمِي الصَّلاةِ [بحدودها وشرائطها] وَمِمَّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ».(3)
ص: 57
4. «وَالَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفاً تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فِيهَا نِعمَ أَجرُ العامِلينَ* الَّذينَ صَبَرُوا [في المصائب واداء الفرائض وترک المحرّمات] وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ».(1)
5. «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ».(2)
6. «وَالعَصرِ * إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسرٍ * إِلَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ».(3)
7. «وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وهَنُوا لِمَا أَصابَهُم في سَبيلِ الله وَما ضَعُفُوا وَمَا استَكانُوا وَالله يُحِبُّ الصَّابِرينَ».(4)
الروایات
1. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): الصَّبرُ ثَلَاثَةٌ: صَبرٌ عِندَ المُصِيبَةِ وَصَبرٌ عِندَ الطَّاعَةِ وَصَبرٌ عَنِ المَعصِيَةِ.(5)
ص: 58
2. عن الصادق(علیه السلام): الصَّبرُ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنزِلَةِ الرَّأسِ مِنَ الجَسَدِ فَإِذَا ذَهَبَ الرَّأسُ ذَهَبَ الجَسَدُ كَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الصَّبرُ ذَهَبَ الإِيمَانُ.(1)
3. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): الصَّبرُ فِي الأُمُورِ بِمَنزِلَةِ الرَّأسِ مِنَ الجَسَدِ فَإِذَا فَارَقَ الرَّأسُ الجَسَدَ فَسَدَ الجَسَدُ وَإِذَا فَارَقَ الصَّبرُ الأُمُورَ فَسَدَتِ الأُمُورُ.(2)
4. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): الصَّبرُ صَبرَانِ صَبرٌ عِندَ المُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَأَحسَنُ مِن ذَلِكَ الصَّبرُ عِندَ مَا حَرَّمَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيك.(3)
5. عن عليّ بن الحسین(علیهما السلام): الصَّبرُ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنزِلَةِ الرَّأسِ مِنَ الجَسَدِ وَلَا إِيمَانَ لِمَن لَا صَبرَ لَه.(4)
ص: 59
6. عن الصادق(علیه السلام): عَلَيكَ بِالصَّبرِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللهَ(عزوجل) بَعَثَ مُحَمَّداً(صلی الله علیه واله) فَأَمَرَهُ بِالصَّبرِ وَالرِّفقِ فَقَالَ: «وَاصبِر عَلى ما يَقُولُونَ وَاهجُرهُم هَجراً جَمِيلاً * وَذَرنِي وَالمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعمَةِ».(1) وَقَالَ: «ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ [فعامل إسائتهم بالاحسان] فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(2)... .(3)
7. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنِ استَطَعتَ أَن تَعمَلَ بِالصَّبرِ مَعَ اليَقِينِ [بالمقدّرات ودرجات الصابرین] فَافعَل [أي: اصبر مع مثل هذا الیقین] فَإِن لَم تَستَطِع فَاصبِر فَإِنَّ فِي الصَّبرِ
عَلَى مَا تَكرَهُ خَيراً كَثِيراً وَاعلَم أَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ [لأنّ الله یقول في القرآن] «فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً [کرّرت هذه الجملة
ص: 60
8. عن الباقر(علیه السلام): إِنِّي لَأَصبِرُ مِن غُلَامِي هَذَا [وأعماله السیئة] وَمِن أَهلِي، عَلَى مَا هُوَ أَمَرُّ مِنَ الحَنظَلِ، إِنَّهُ مَن صَبَرَ نَالَ بِصَبرِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ وَدَرَجَةَ الشَّهِيدِ الَّذِي قَد ضَرَبَ بِسَيفِهِ قُدَّامَ مُحَمَّدٍ(صلی الله علیه واله).(3)
ص: 61
ص: 62
إنّ التوکّل علی الله في الأمور هو الإظهار والاعتراف بالعجز في إتیان الأفعال ونیل المقاصد والاعتماد علی الله وتفویض الأمور إلیه، والتوکّل علی الله في جمیع الأمور من الواجبات علی المؤمن في الشریعة المقدّسة. ویجب أن یعلم أنّ وظیفة العبد في هذا المقام هي أن یتمسّک بالأسباب العادّیّة والطبیعیّة في کلّ حاجة تتیسّر لها تلک الأسباب، ولکن یعلم بأنّ نیل المطلوب في نهایة الأمر مشروط بإذن الله وإرادته التکوینیّة، فحینئذٍ یعمل بکلّ ما یجب علیه من الوظائف الطبیعيّة لکن أمله وإعتماده لیس إلّا علی الله(عزوجل) ولطفه فیصل إلی مقصوده. نعم في الموارد التي لا تتیسّر الأسباب الظاهریّة والطبیعیّة ولم یتمکّن من أداء أيّ شيء، فإنّه یجب أن یتوکّل علی القدیر المتعال فحسب.
2. «وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى الله فَهُوَ حَسبُه».(1)
3. «إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ الله وَجِلَت قُلُوبُهُم [لعظمته وعصیانه] وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيماناً وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُون».(2)
4. «إِنَّ الله يُحِبُّ المُتَوَكِّلين».(3)
1. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ الغِنَى وَالعِزَّ يَجُولَانِ فَإِذَا ظَفِرَا بِمَوضِعِ [أي في شخص] التَّوَكُّلِ أَوطَنَا.(4)
2. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن أَحَبَّ أَن يَكُونَ أَقوَى النَّاسِ [روحاً] فَليَتَوَكَّل عَلَى اللهِ.(5)
3. وروي عنه(صلی الله علیه واله): مَن أَحَبَّ أَن يَكُونَ أَتقَى النَّاسِ فَليَتَوَكَّل عَلَى اللهِ.(6)
ص: 64
الاعتصام بالله هو التشبّث بلطفه و التمسّک به والالتجاء إلیه للحفظ من الضلالة وعصیانه أو من أيّ شرّ ومکروه آخر. إنّ الإسلام علی الرغم من أمره الناس بالسعي والجدّ و الجهد في الحیاة لمعیشة أفضل ونظم في الحیاة یشوّقهم إلی الاعتصام بالله والتوسّل إلیه في جمیع الأحوال.
1. «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جاءَكُم بُرهانٌ [عظیم] مِن رَبِّكُم وَأَنزَلنا إِلَيكُم نُوراً مُبيناً * فَأَمَّا الَّذينَ آمَنُوا بِالله وَاعتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدخِلُهُم في رَحمَةٍ مِنهُ وَفَضلٍ [عظیم] وَيَهديهِم إِلَيهِ صِراطاً مُستَقيمَاً».(1)
2. «فَأَقيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعتَصِمُوا بِالله هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصير».(2)
ص: 65
3. «وَمَن يَعتَصِم بِالله فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ».(1)
1. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): مَنِ اعتَصَمَ بِالله نَجَاهُ * مَنِ اعتَصَمَ بِالله لَم يَضُرَّهُ
شَيطَانٌ.(2)
2. عن أبی عبدالله(علیه السلام): أَيُّمَا عَبدٍ أَقبَلَ قِبَلَ مَا يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَقبَلَ اللهُ قِبَلَ مَا يُحِبُّ وَمَنِ اعتَصَمَ بِالله عَصَمَهُ اللهُ وَمَن أَقبَلَ الله قِبَلَهُ وَعَصَمَهُ لَم يُبَالِ لَو سَقَطَتِ السَّمَاءُ عَلَى الأَرضِ أَو كَانَت نَازِلَةٌ نَزَلَت عَلَى أَهلِ الأَرضِ فَشَمِلَتهُم بَلِيَّةٌ كَانَ فِي حِزبِ الله بِالتَّقوَى مِن كُلِّ بَلِيَّةٍ أَ لَيسَ اللهُ يَقُولُ: «إِنَّ المُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ».(3)
ص: 66
العبد المؤمن وإن وجب علیه الخوف من عقاب الله تعالی دائماً لذنوبه ومعاصیه لا یری نفسه آمناً من عقابه ومؤاخذته ولکن یجب أن یکون راجیاً لرحمة ربّه الرحیم وفضله وغفرانه أیضاً في هذه الحال، وأن یحسن الظنّ به وأن لا یقنط من رحمة القادر المتعال، ولا یظنّ به سوءاً أبداً فإنّ القنوط من رحمته وسوء الظنّ به کالأمن من عقابه یعدّ عصیاناً للربّ الرحیم.
1. عن الباقر(علیه السلام): لَيسَ مِن عَبدٍ مُؤمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلبِهِ نُورَانِ نُورُ خِيفَةٍ [من ذنبه أن یعذّبه القادر المتعال] وَنُورُ رَجَاءٍ [برحمة الله وفضله وغفرانه] لَو وُزِنَ هَذَا لَم يَزِد عَلَى هَذَا وَلَو وُزِنَ هَذَا لَم يَزِد عَلَى هَذَا.(1)
ص: 67
2. عن الصادق(علیه السلام): لَا يَكُونُ المُؤمِنُ مُؤمِناً [حقیقة] حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً [من ذنبه وعقابه] رَاجِياً [برحمة ربّه] وَلَا يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلاً لِمَا يَخَافُ
وَيَرجُو.(1)
3. عن الصادق(علیه السلام): اُرجُ اللهَ رَجَاءً لَا يُجَرِّئُكَ عَلَى مَعصِيَتِهِ وَخَفِ الله خَوفاً لَا يُؤيِسُكَ مِن رَحمَتِهِ.(2)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): قَالَ اللَّهُ(عزوجل): لَا يَتَّكِلِ العَامِلُونَ لِي عَلَى أَعمَالِهِمُ الَّتِي يَعمَلُونَهَا لِثَوَابِي فَإِنَّهُم لَوِ اجتَهَدُوا وَأَتعَبُوا أَنفُسَهُم وَأفنُوا أَعمَارَهُم فِي عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِم كُنهَ عِبَادَتِي فِيمَا يَطلُبُونَ عِندِي مِن كَرَامَتِي وَالنَّعِيمِ فِي جِنَانِي وَرَفِيعِ الدَّرَجَاتِ العُلَى فِي جِوَارِي، وَلَكِن بِرَحمَتِي فَليَثِقُوا وَفَضلِي فَليَرجُوا وَإِلَى حُسنِ الظَّنِّ بِي فَليَطمَئِنُّوا فَإِنَّ رَحمَتِي عِندَ ذَلِكَ تَدَارَكَهُم وَمَنِّي يُبَلِّغُهُم رِضوَانِي وَمَغفِرَتِي تُلبِسُهُم عَفوِي فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحمَنُ الرَّحِيمُ
ص: 68
وَبِذَلِكَ تَسَمَّيتُ.(1)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أُعطِيَ مُؤمِنٌ قَطُّ خَيرَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا بِحُسنِ ظَنِّهِ بِالله وَرَجَائِهِ لَهُ وَحُسنِ خُلقِهِ وَالكَفِّ عَنِ اغتِيَابِ المُؤمِنِينَ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعَذِّبُ الله مُؤمِناً بَعدَ التَّوبَةِ وَالِاستِغفَارِ إِلَّا بِسُوءٍ ظَنِّهِ بِالله وَتَقصِيرٍ مِن رَجَائِهِ لَهُ وَسُوءِ خُلقِهِ وَاغتِيَابِ المُؤمِنِينَ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يَحسُنُ ظَنُّ
عَبدٍ مُؤمِنٍ بِالله إِلَّا كَانَ الله عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ المُؤمِنِ لِأَنَّ الله كَرِيمٌ بِيَدِهِ الخَيرُ يَستَحيِي أَن يَكُونَ عَبدُهُ المُؤمِنُ قَد أَحسَنَ بِهِ الظَّنَّ ثُمَّ يُخلِفَ ظَنَّهُ وَرَجَاءَهُ فَأَحسِنُوا بِالله الظَّنَّ وَارغَبُوا إِلَيهِ.(2)
6. قال الصادق(علیه السلام): حُسنُ الظَّنِ بِالله أَن لَا تَرجُوَ إِلَّا الله وَلَا تَخَافَ إِلَّا ذَنبَكَ.(3)
ص: 69
ص: 70
اهتمّ الإسلام بالصدق اهتماماً بالغاً وأنّه من الفرائض والکذب من الذنوب.(1)
1. «إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالقانِتينَ وَالقانِتاتِ وَالصَّادِقينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرينَ وَالصَّابِراتِ وَالخاشِعينَ وَالخاشِعاتِ وَالمُتَصَدِّقينَ وَالمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمينَ وَالصَّائِماتِ وَالحافِظينَ فُرُوجَهُم وَالحافِظاتِ وَالذَّاكِرينَ الله كَثيراً والذَّاكِراتِ أَعَدَّ الله لَهُم مَغفِرَةً وَأَجراً عَظيماً».(2)
ص: 71
1. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا فَاصدُقُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّادِقِينَ، وَجَانِبُوا الكِذبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلإِيمَان.(1)
2. قال الصادق(علیه السلام): عَلَيكُم بِتَقوَى الله وَصِدقِ الحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ.(2)
3. قال الباقر(علیه السلام): الكِذبَ هُوَ خَرَابُ الإِيمَانِ.(3)
4. قال عليّ(علیه السلام): لَا يَجِدُ عَبدٌ طَعمَ الإِيمَانِ حَتَّى يَترُكَ الكِذبَ هَزلَهُ وَجِدَّهُ.(4)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): ثَلَاثُ خِصَالٍ مِن عَلَامَاتِ المُنَافِقِ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا ائتُمِنَ خَانَ وَإِذَا وَعَدَ أَخلَف.(5)
ص: 72
6. عن الرضا(علیه السلام) في كتابه إلى المأمون قال: (الكَبَائِرِ) وَهِيَ قَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ الله تَعَالَى وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُربُ الخَمرِ وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحفِ وَأَكلُ مَالِ اليَتِيمِ ظُلماً وَأَكلُ المَيتَةِ وَالدَّمِ وَلَحمِ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ الله بِهِ مِن غَيرِ ضَرُورَة (الی أن قال(علیه السلام)) وَالكِذبُ وَالكِبرُ وَالإِسرَافُ وَالتَّبذِيرُ وَالخِيَانَة... .(1)
7. قال الصادق(علیه السلام): وَالكَبَائِرُ مُحَرَّمَةٌ وَهِيَ الشِّركُ بِالله وَقَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ الله وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحفِ وَأَكلُ مَالِ اليَتِيمِ ظُلماً (الی أن قال(علیه السلام)) وَالكِذبُ
وَالإِسرَافُ وَالتَّبذِيرُ وَالخِيَانَة، ... .(2)
8. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً وَإِن صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسلِمٌ: مَن إِذَا اؤتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخلَفَ، إِنَّ الله(عزوجل) قال فِي كِتَابِهِ: «إِنَّ الله لا يُحِبُّ الخائِنِينَ» وَقَالَ: «أَن لَعنَتَ الله عَلَيهِ إِن كانَ مِنَ
ص: 73
الكاذِبِينَ» وَفِي قَولِهِ: «وَاذكُر فِي الكِتابِ إِسماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً».(1)
ص: 74
الکذب علی الله(عزوجل) والرسول وأهل بیته(علیهم السلام) هو أقبح الأکاذیب ولهذا قد منع منه منعاً باتّاً.
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): من قَالَ عَلَيَّ مَا لَم أَقُل فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ [أي: فلینزل منزلته في جهنّم أو فلیأخذ مکانه من جهنّم].(1)
2. قال الصادق(علیه السلام): مَن كَذَبَ عَلَينَا فِي شَي ءٍ فَقَد كَذَبَ عَلَى رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) وَمَن كَذَبَ عَلَى رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) فَقَد كَذَبَ عَلَى الله وَمَن كَذَبَ عَلَى الله عَذَّبَهُ الله(عزوجل).(2)
3. وعنه(علیه السلام) أیضاً: الكَذِبُ عَلَى الله وَعَلَى رَسُولِهِ مِنَ الكَبَائِرِ.(3)
ص: 76
اهتمّ الإسلام بالوفاء بالعهد بالنسبة إلی جمیع الأشخاص اهتماماً بالغاً وقد ورد المنع من نقضه منعاً باتّاً.
1. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ».(1)
2. «قَد أَفلَحَ المُؤمِنُون... * وَالَّذينَ هُم لِأَماناتِهِم وَعَهدِهِم راعُونَ».(2)
3. «وَأَوفُوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كَانَ مَسؤُلاً [في القیامة]».(3)
4. «إِلَّا الَّذينَ عاهَدتُم مِنَ المُشرِكينَ ثُمَّ لَم يَنقُصُوكُم شَيئاً وَلَم يُظاهِرُوا عَلَيكُم أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيهِم عَهدَهُم إِلى مُدَّتِهِم [إذ الوفاء بالعهد هنا من التقوی و] إِنَّ الله يُحِبُّ المُتَّقِينَ».(4)
ص: 77
یقول تعالی فیمن لم یهاجر من مکّة إلی المدینة:
5. «وَإِنِ استَنصَرُوكُم [أهل المدینة] فِي الدِّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ إِلَّا عَلى قَومٍ [من الکفّار] بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ [فلا یجوز
نُصرة المسلمین حتّی في هذه الصورة] وَالله بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌ».(1)
1. عن الصادق(علیه السلام): ثَلَاثٌ لَم يَجعَلِ الله لِأَحَدٍ فِيهِنَّ رُخصَةً: أَدَاءُ الأَمَانَةِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ، وَالوَفَاءُ بِالعَهدِ لِلبَرِّ وَالفَاجِرِ، وَبِرُّ الوَالِدَينِ بَرَّينِ كَانَا أَو فَاجِرَينِ.(2)
2. عن الباقر(علیه السلام): ثَلَاثٌ لَم يَجعَلِ الله لِأَحَدٍ فِيهِنَّ رُخصَةً أَدَاءُ الأَمَانَةِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَالوَفَاءُ بِالعَهدِ لِلبَرِّ وَالفَاجِرِ وَبِرُّ الوَالِدَينِ بَرَّينِ كَانَا أَو فَاجِرَينِ.(3)
ص: 78
کما أنّ الوفاء بالوعد ممدوحٌ عند العقلاء ونقضه مذمومٌ عندهم قد رغّب به الإسلام و منع عن نقضه.
1. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ [وتَعِدُون] مَا لا تَفعَلُونَ* كَبُرَ مَقتاً عِندَ الله [هذا العمل] أَن تَقُولُوا [وتَعِدوا] مَا لَا تَفعَلُونَ».(1)
1. عن الصادق(علیه السلام): عِدَةُ المُؤمِنِ أَخَاهُ نَذرٌ لَا كَفَّارَةَ لَهُ [أي أنّه إذا أخلف فلا تکون کفّارة لجبرانه] فَمَن أَخلَفَ فَبِخُلفِ الله بَدَأَ وَلِمَقتِهِ تَعَرَّضَ وَذَلِكَ قَولُهُ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفعَلُونَ كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفعَلُونَ».(2)
ص: 79
2. عن أمیرالمؤمنین عليّ(علیه السلام): الخُلفُ يُوجِبُ المَقتَ عِندَ الله وَالنَّاسِ قَالَ الله تَعَالَى: «كَبُرَ مَقتاً عِندَ الله أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفعَلُونَ».(1)
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن كَانَ يُؤمِنُ بِالله وَاليَومِ الآخِرِ فَليَفِ إِذَا وَعَدَ.(2)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً وَإِن صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسلِمٌ: مَن إِذَا اؤتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخلَف.(3)
5. عن الصادق(علیه السلام): المُؤمِنُ أَخُو المُؤمِنِ عَينُهُ وَدَلِيلُهُ لَا يَخُونُهُ وَلَا يَظلِمُهُ وَلَا يَغُشُّهُ وَلَا يَعِدُهُ عِدَةً فَيُخلِفَهُ.(4)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن عَامَلَ النَّاسَ فَلَم يَظلِمهُم وحَدَّثَهُم فَلَم يَكذِبهُم وَوَعَدَهُم فَلَم يُخلِفهُم فَهُوَ مِمَّن
ص: 80
كَمُلَت مُرُوءَتُهُ وَظَهَرَت عَدَالَتُهُ وَوَجَبَت أُخُوَّتُهُ وَحَرُمَت غِيبَتُهُ.(1)
ص: 81
ص: 82
إنّ الإسلام یأمر ویدعو الناس بالقسط والعدل وینهاهم عن الظلم و الجور نهیاً شدیداً.
1. «إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَ الإِحسانِ وَ إيتاءِ ذِي القُربى وَ يَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ».(1)
2. «یَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنتُم بِدَينٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكتُبُوهُ وَليَكتُب بَينَكُم كاتِبٌ بِالعَدلِ وَلَا يَأبَ كاتِبٌ أَن يَكتُبَ كَما عَلَّمَهُ الله فَليَكتُب وَليُملِلِ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ وَليَتَّقِ الله رَبَّهُ وَلَا يَبخَس مِنهُ شَيئاً فَإِن كَانَ الَّذي عَلَيهِ الحَقُّ سَفيهاً أَو ضَعيفاً [من حیث الفهم] أَو لَا يَستَطيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ [لمانع آخر کالخَرس أو الاشتغال بعمل لازم] فَليُملِل وَلِيُّهُ بِالعَدل...».(2)
ص: 83
3. «إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَمانَاتِ إِلَى أَهلِها وَإِذا حَكَمتُم بَينَ النَّاسِ أَن تَحكُمُوا بِالعَدلِ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَميعاً بَصِيراً».(1)
4. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ بِالقِسطِ شُهَداءَ لِلّهِ [جلباً لرضاه] وَلَو عَلَى أَنفُسِكُم أَوِ الوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ إِن يَكُن غَنِيًّا أَو فَقيراً فَاللهُ أَولى بِهِمَا [في رعایة مصالحهما] فَلَا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعدِلُوا وَإِن تَلوُوا [في أداء الشهادة] أَو تُعرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِيراً».(2)
5. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ لِلّهِ [جلباً لرضاه] شُهَداءَ بِالقِسطِ وَلَا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى أَلَّا تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى وَاتَّقُوا
اللهَ إِنَّ اللهَ خَبيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ».(3)
6. «وَإِن طَائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقتَتَلُوا فَأَصلِحُوا بَينَهُمَا فَإِن بَغَت إِحدَاهُما عَلَى الأُخرَى فَقاتِلُوا الَّتي تَبغي حَتَّى تَفي ءَ إِلَى أَمرِ الله فَإِن فاءَت فَأَصلِحُوا بَينَهُما بِالعَدلِ وَأَقسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ المُقسِطينَ».(4)
ص: 84
7. «وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لَا نُكَلِّفُ نَفساً إِلَّا وُسعَهَا وَإِذا قُلتُم فَاعدِلُوا [لا تأخذوا جانب أحد] ولَو كَانَ ذا قُربى».(1)
8. «وَتَعاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلَا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَان».(2)
9. «وَمَن يَظلِم مِنكُم نُذِقهُ عَذاباً كَبيراً».(3)
10. «وَلا تَركَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُم مِن دُونِ الله مِن أَولِياءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ».(4)
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَ أَعجَلَ الشَّرِّ عُقُوبَةً [من جزاء سائر الشرور] البَغي.(1)
4. قال الباقر(علیه السلام): الظُّلمُ فِي الدُّنيَا هُوَ الظُّلُمَاتُ فِي الآخِرَةِ.(2)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): خَيرُ النَّاسِ مَنِ انتَفَعَ بِهِ النَّاسُ وَشَرُّ النَّاسِ مَن تَأَذَّى بِهِ النَّاسُ وَشَرٌّ مِن ذَلِكَ مَن أَكرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.(3)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن مَشَى مَعَ ظَالِمٍ لِيُعِينَهُ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ فَقَد خَرَجَ مِنَ الإِيمَانِ.(4)
7. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن آذَى مُؤمِناً آذَاهُ الله وَمَن أَحزَنَهُ أَحزَنَهُ اللهُ.(5)
ص: 86
8. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): مَن جَارَ أَهلَكَهُ جَورُه* مَن ظَلَمَ أَفسَدَ أَمرَه* مَن ظَلَمَ عِبَادَ الله كَانَ الله خَصمَهُ دُونَ عِبَادِهِ [المظلومین]* وَمَن يَكُنِ الله خَصمَهُ یُدحِضُ حُجَّتَهُ [لا یقبل عُذره] وَيُعَذِّبُهُ فِي دُنيَاهُ وَمَعَادِه* ابعُدُوا عَنِ الظُّلمِ فَإِنَّهُ أَعظَمُ الجَرَائِمِ وَأَكبَرُ المَآثِم* ظُلمُ المَرءِ فِي الدُّنيَا عُنوَانُ شَقَائِهِ فِي الآخِرَةِ.(1)
ص: 87
ص: 88
إنّ من الفرائض والواجبات المهمّة فی الإسلام أداء الأمانة بأنواعها بالنسبة إلی البرّ والفاجر وإنّ الخیانة من أقبح المعاصي.
1. «فَإِن أَمِنَ بَعضُكُم بَعضاً فَليُؤَدِّ الَّذِي اؤتُمِنَ أَمانَتَهُ وَليَتَّقِ الله رَبَّهُ [في مخالفته وعصیانه]».(1)
2. «إِنَّ الله يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها».(2)
3. یقول الله تعالی في وصف المؤمنین المفلحین: «وَالَّذينَ هُم لِأَماناتِهِم [أي: لما أتمنُوا علیه] وَعَهدِهِم راعُونَ».(3)
4. «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنينَ».(4)
ص: 89
1. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا إِيمَانَ لِمَن لَا أَمَانَةَ لَهُ.(1)
2. قال عليّ بن الحسین(علیه السلام): عَلَيكُم بِأَدَاءِ الأَمَانَةِ فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً لَو أَنَّ قَاتِلَ أَبِيَ (الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ(علیهما السلام)) ائتَمَنَنِي عَلَى السَّيفِ الَّذِي قَتَلَهُ بِهِ لَأَدَّيتُهُ إِلَيهِ.(2)
3. قال الصادق(علیه السلام): اتَّقُوا الله وَعَلَيكُم بِأَدَاءِ الأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائتَمَنَكُم فَلَو أَنَّ قَاتِلَ عَلِيٍّ(علیه السلام) ائتَمَنَنِي عَلَى أَمَانَةٍ لَأَدَّيتُهَا إِلَيهِ.(3)
4. قال الصادق(علیه السلام): أَدُّوا الأَمَانَةَ وَلَو إِلَى قَاتِلِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ(علیهما السلام).(4)
ص: 90
5. قال الصادق(علیه السلام): عَلَيكُم بِتَقوَى الله وَصِدقِ الحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَة،... .(1)
6. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): مَن خَانَ أَمَانَةً فِي الدُّنيَا وَلَم يَرُدَّهَا إِلَى أَهلِهَا ثُمَّ أَدرَكَهُ المَوتُ مَاتَ عَلَى غَيرِ مِلَّتِي وَيَلقَى الله وَهُوَ عَلَيهِ غَضبَان.(2)
7. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): لَيسَ المُسلِمُ بِالخَائِنِ إِذَا ائتُمِنَ وَلَا بِالمُخلِفِ إِذَا وَعَدَ وَلَا بِالكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ... .(3)
8. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): إِيَّاكَ وَالخِيَانَةَ فَإِنَّهَا شَرُّ مَعصِيَةٍ فَإِنَّ الخَائِنَ لَمُعَذَّبٌ بِالنَّارِ عَلَى خِيَانَتِه.(4)
9. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): جَانِبُوا الخِيَانَةَ فَإِنَّهَا مُجَانِبَةُ الإِسلَام.(5)
ص: 91
10. قال الصادق(علیه السلام): ثَلَاثَةٌ لَابُدَّ [للمسلم] مِن أَدَائِهِنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ: الأَمَانَةُ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَالوَفَاءُ بِالعَهدِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَبِرُّ الوَالِدَينِ بَرَّينِ كَانَا أَو فَاجِرَين.(1)
11. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): لَا تَخُونَنَّ أَحَداً فِي مَالٍ يَضَعَهُ عِندَكَ وَأَمَانَةٍ ائتَمَنَكَ عَلَيهَا فَإِنَّ الله تَعَالَى يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِهَا».(2)
12. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): يَا كُمَيلُ اعلَم وَافهَم إِنَّا لَا نُرَخِّصُ فِي تَركِ أَدَاءِ الأَمَانَاتِ لِأَحَدٍ مِنَ الخَلقِ فَمَن رَوَى عَنِّي فِي ذَلِكَ رُخصَةً فَقَد أَبطَلَ وَأَثِمَ وَجَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ، أَقسَمتُ لَقَد سَمِعتُ رَسُولَ الله(صلی الله علیه واله) يَقُولُ لِي قَبلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلَاثاً: يَا أَبَا الحَسَنِ أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ فِيمَا قَلَّ وَجَلَّ حَتَّى فِي الخَيطِ وَالمِخيَط.(3)
ص: 92
الإسلام یأمر الناس بتحصیل المعاش وذلک بالعمل والسعي الکثیر. ویمنع بشدّة من البطالة والکسل والإتّکال علی الآخرین.
1. «وَلَقَد مَكَّنَّاكُم فِي الأَرضِ وَجَعَلنا لَكُم فيها مَعايِشَ [کي تستفیدوا من الأرض وما فیها وتشکروا إلّا أنّکم] قَليلاً مَا تَشكُرُونَ».(1)
2. «وَمِن رَحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ لِتَسكُنُوا فيهِ وَلِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ [في النهار] وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ».(2)
3. «فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ اللَّهِ».(3)
ص: 93
1. عن الصادق(علیه السلام): إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُبغِضُ كَثرَةَ النَّومِ وَكَثرَةَ الفَرَاغِ.(1)
2. عن موسی بن جعفر(علیهما السلام): إِيَّاكَ وَالكَسَلَ وَالضَّجَرَ فَإِنَّهُمَا يَمنَعَانِكَ مِن حَظِّكَ مِنَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.(2)
3. عن الصادق(علیه السلام): لَا تَكسَلُوا فِي طَلَبِ مَعَايِشِكُم فَإِنَّ آبَاءَنَا كَانُوا يَركُضُونَ فِيهَا وَيَطلُبُونَهَا.(3)
4. عن الصادق(علیه السلام): وَلَا تَكسَل عَن مَعِيشَتِكَ فَتَكُونَ كَلّاً عَلَى غَيرِك.(4)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَلعُونٌ مَن أَلقَى كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ.(5)
ص: 94
6. عن الصادق(علیه السلام): عَلَيكُم بِتَقوَى الله وَمَا يُنَالُ بِهِ مَا عِندَ الله، إِنِّي وَالله مَا آمُرُكُم إِلَّا بِمَا نَأمُرُ بِهِ أَنفُسَنَا فَعَلَيكُم بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ وَإِذَا صَلَّيتُمُ الصُّبحَ فَانصَرَفتُم فَبَكِّرُوا فِي طَلَبِ الرِّزقِ وَاطلُبُوا الحَلَالَ فَإِنَّ الله سَيَرزُقُكُم وَيُعِينُكُم عَلَيهِ.(1)
7. عن الصادق(علیه السلام): لَا تَدَع طَلَبَ الرِّزقِ مِن حِلِّهِ... وَاعقَل رَاحِلَتَكَ وَتَوَكَّل [أي: لا
تطلب الرزق من دون کسب وبذل الجهد].(2)
8. قال عبد الأعلى: استَقبَلتُ أَبَا عَبدِالله(علیه السلام) فِي بَعضِ طُرُقِ المَدِينَةِ فِي يَومٍ صَائِفٍ شَدِيدِ الحَرِّ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ حَالُكَ عِندَ الله(عزوجل) وَقَرَابَتُكَ مِن رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) وَأَنتَ تُجهِدُ نَفسَكَ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ؟ فَقَالَ: يَا عَبدَ الأَعلَى خَرَجتُ فِي طَلَبِ الرِّزقِ لِأَستَغنِيَ عَن مِثلِكَ.(3)
9. قال أبو عمرو الشيبانيّ: رَأَيتُ أبا عَبدِالله(علیه السلام) وَبِيَدِهِ
ص: 95
مِسحَاةٌ وَعَلَيهِ إِزَارٌ غَلِيظٌ يَعمَلُ فِي حَائِطٍ لَهُ وَالعَرَقُ يَتَصَابُّ عَن ظَهرِهِ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ أَعطِنِي أَكفِكَ. فَقَالَ لِي: إِنِّي أُحِبُّ أَن يَتَأَذَّى الرَّجُلُ بِحَرِّ الشَّمسِ فِي طَلَبِ المَعِيشَةِ.(1)
10. قال الفضل بن أبي قرّة: دَخَلنَا عَلَى أبي عَبدِالله(علیه السلام) فِي حَائِطٍ لَهُ فَقُلنَا: جُعِلنَا فِدَاكَ دَعنَا نَعمَلهُ لَكَ أَو تَعمَلهُ الغِلمَانُ. قَالَ: لَا، دَعُونِي فَإِنِّي أَشتَهِي أَن يَرَانِي الله عَزَّ وَجَلَّ أَعمَلُ بِيَدِي وَأَطلُبُ الحَلَالَ فِي أَذَى نَفسِي.(2)
11. قال عليّ بن أبي حمزة: رَأَيتُ أَبَا الحَسَنِ(علیه السلام) يَعمَلُ فِي أَرضٍ لَهُ قَدِ استَنقَعَت قَدَمَاهُ فِي العَرَقِ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ أَينَ الرِّجَالُ؟ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ قَد عَمِلَ بِاليَدِ مَن هُوَ خَيرٌ مِنِّي
وَمِن أَبِي فِي أَرضِهِ فَقُلتُ: وَمَن هُوَ؟ فَقَالَ: رَسُولُ الله(صلی الله علیه واله) وَأَمِيرُ المُؤمِنِينَ(علیه السلام) وَآبَائِي كُلُّهُم كَانُوا قَد عَمِلُوا بِأَيدِيهِم وَهُوَ مِن عَمَلِ النَّبِيِّينَ وَالمُرسَلِينَ
ص: 96
وَالأَوصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ.(1)
12. عن الصادق(علیه السلام): إِن ظَنَنتَ أَو بَلَغَكَ أَنَّ هَذَا الأَمرَ كَائِنٌ فِي غَدٍ فَلَا تَدَعَنَّ طَلَبَ الرِّزق.(2)
13. عن الصادق(علیه السلام): الكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ [لجلب ما یحتاجون إلیه] كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله.(3)
14. عن الصادق(علیه السلام): الزَّارِعُونَ كُنُوزُ الله فِي أَرضِهِ وَمَا فِي الأَعمَالِ شَي ءٌ أَحَبَّ إِلَى الله مِنَ الزِّرَاعَة.(4)
15. عن الصادق(علیه السلام): الزَّارِعُونَ كُنُوزُ الأَنَامِ يَزرَعُونَ طَيِّباً أَخرَجَهُ الله(عزوجل) وَهُم يَومَ القِيَامَةِ أَحسَنُ النَّاسِ مَقَاماً وَأَقرَبُهُم مَنزِلَةً يُدعَونَ المُبَارَكِينَ.(5)
ص: 97
16. عن الصادق(علیه السلام): ازرَعُوا وَاغرِسُوا فَلَا وَالله مَا عَمِلَ النَّاسُ عَمَلاً أَحَلَّ وَلَا أَطيَبَ مِنهُ.(1)
17. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): مَا مِن مُسلِمٍ يَغرِسُ غَرساً يَأكُلُ مِنهُ إِنسَانٌ أَو دَابَّةٌ أَو طَيرٌ إِلَّا أَن يُكتَبَ لَهُ صَدَقَةٌ إِلَى يَومِ القِيَامَة.(2)
18. عن أمیرالمؤمنین عليّ(علیه السلام): مَن وَجَدَ مَاءاً وَتُرَاباً ثُمَّ افتَقَرَ فَأَبعَدَهُ الله.(3)
19. عن الصادق(علیه السلام): الكِيمِيَاءُ الأَكبَرُ الزِّرَاعَةُ.(4)
20. عن أمیرالمؤمنین عليّ(علیه السلام): تَعَرَّضُوا لِلتِّجَارَاتِ فَإِنَّ لَكُم فِيهَا غِنًى عَمَّا فِي أَيدِي النَّاسِ وَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ المُحتَرِفَ الأَمِين.(5)
ص: 98
21. عن الصادق(علیه السلام): لَا تَدَعُوا التِّجَارَةَ فَتَهُونُوا، اتَّجِرُوا بَارَكَ الله لَكُم.(1)
22. عن الصادق(علیه السلام): لَا تَكُفُّوا عَنِ التِّجَارَةِ وَالتَمِسُوا مِن فَضلِ الله(عزوجل).(2)
23. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): الخَيرُ عَشَرَةُ أَجزَاءٍ أَفضَلُهَا التِّجَارَةُ إِذَا أَخَذَ الحَقَّ وَأَعطَى الحَقّ.(3)
24. عن الصادق(علیه السلام): إنَّ تَارِكَ الطَّلَبِ لَا يُستَجَابُ لَهُ، إِنَّ قَوماً مِن أَصحَابِ رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) لَمَّا نَزَلَت «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجاً وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ»(4) أَغلَقُوا الأَبوَابَ وَأَقبَلُوا عَلَى العِبَادَةِ وَقَالُوا قَد كُفِينَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ(صلی الله علیه واله) فَأَرسَلَ إِلَيهِم فَقَالَ: مَا حَمَلَكُم عَلَى مَا صَنَعتُم؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله تُكُفِّلَ لَنَا بِأَرزَاقِنَا فَأَقبَلنَا عَلَى العِبَادَةِ. فَقَالَ: إِنَّهُ مَن فَعَلَ ذَلِكَ لَم يُستَجَب لَهُ،
ص: 99
عَلَيكُم بِالطَّلَبِ.(1)
25. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّ أَصنَافاً مِن أُمَّتِي لَا يُستَجَابُ لَهُم دُعَاؤُهُم؛ رَجُلٌ يَدعُو عَلَى وَالِدَيهِ وَرَجُلٌ يَدعُو عَلَى غَرِيمٍ ذَهَبَ لَهُ بِمَالِهِ فَلَم يَكتُب عَلَيهِ وَلَم يُشهِد عَلَيهِ وَرَجُلٌ يَدعُو عَلَى امرَأَتِهِ وَقَد جَعَلَ الله(عزوجل) تَخلِيَةَ سَبِيلِهَا بِيَدِهِ وَرَجُلٌ يَقعُدُ فِي بَيتِهِ وَيَقُولُ: يَا رَبِّ ارزُقنِي وَلَا يَخرُجُ وَلَا يَطلُبُ الرِّزقَ فَيَقُولُ الله(عزوجل) لَهُ: عَبدِي أَ لَم أَجعَل لَكَ السَّبِيلَ إِلَى الطَّلَبِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الأَرضِ بِجَوَارِحَ صَحِيحَةٍ فَتَكُونَ قَد أَعذَرتَ فِيمَا بَينِي وَبَينَكَ [أي: کي لا یبقی عذر بیني وبینک، أو کي تکون معذوراً] فِي الطَّلَبِ لِاتِّبَاعِ أَمرِي وَلِكَيلَا تَكُونَ كَلّاً عَلَى أَهلِكَ فَإِن شِئتُ رَزَقتُكَ [رزقاً واسعاً] وَإِن شِئتُ قَتَّرتُ عَلَيكَ وَأَنتَ مَعذُورٌ عِندِي وَرَجُلٌ رَزَقَهُ الله مَالاً كَثِيراًفَأَنفَقَهُ ثُمَّ أَقبَلَ يَدعُو يَا رَبِّ ارزُقنِي فَيَقُولُ الله(عزوجل) أَ لَم أَرزُقكَ رِزقاً وَاسِعاً فَهَلَّا اقتَصَدتَ فِيهِ كَمَا أَمَرتُكَ وَلِمَ تُسرِفُ وَقَد نَهَيتُكَ عَنِ الإِسرَاف.(2)
ص: 100
إعلم أنّ خَدَمة الدین من الطلاب والخطباء والعلماء الحقیقیین (لا کلّ بطّال طمّاع ولا الذئاب المتلبسة بلباس الشیاة) مع أنّهم لم یشتغلوا بالتجارة والزراعة وسائر الحِرَف إلّا أنّهم لم یکونوا عطّالین عن العمل بل قد تحمّلوا أصعب المشقّات وأدّوا واجبهم تجاه الدین وما هو مقدّمة له بذلک لم یبق لهم مجال بالانشغال بخدمة أخری.
وإن لم نقل أنّهم لا یعیشون أدنی المستویات المادّية إلّا أنّهم لا یملکون أزید من المستوي المتوسط. نعم، المعاندون لله والأنبیاء والأوصیاء والدین والمخالفون لحفظ الدین وانتشاره (عالمین کانوا أو جاهلین) فإنّهم یقیناً في عداء مستمرّ وإفتراء وإشکال علی خدمة الدین، وتفصیل هذا الأمر یحتاج إلی مجال آخر.
ص: 101
ص: 102
إنّ إنشاء المصانع وصنع الوسائل والآلات والأدوات التي تنفع البشر ویحتاجون إلیها في حیاتهم المشروعة (لا کصنع المسکر) مباح وحلال في الإسلام بأنواعه المختلفة.
1. عن الصادق(علیه السلام): أَنوَاعُ صُنُوفِ الآلَاتِ الَّتِي يَحتَاجُ إِلَيهَا العِبَادُ مِنهَا مَنَافِعُهُم وَبِهَا قِوَامُهُم وَفِيهَا بُلغَةُ جَمِيعِ حَوَائِجِهِم فَحَلَالٌ فِعلُهُ وَتَعلِيمُهُ وَالعَمَلُ بِهِ وَفِيهِ لِنَفسِهِ أَو لِغَيرِه.(1)
وردت في الشریعة المقدّسة أوامر عامّة تؤکّد علی الصدق والصلاح في المعاملات والاجتناب عن المکر والخدیعة والتدلیس والإضرار
ص: 103
بالآخرین وعن جمیع أنواع المعاملات المحرّمة.
1. «وَيلٌ لِلمُطَفِّفينَ * الَّذينَ إِذَا اكتَالُوا [أنفسهم] عَلَى النَّاسِ يَستَوفُونَ * وَإِذا كَالُوهُم أَو وَزَنُوهُم يُخسِرُونَ* أَ لَا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبعُوثُونَ* لِيَومٍ عَظيمٍ [یوم القیامة والحساب]».(1)
1. عَن أمیرالمؤمنین عليّ(علیه السلام): يَا مَعشَرَ التُّجَّارِ! الفِقهَ ثُمَّ المَتجَرَ الفِقهَ ثُمَّ المَتجَرَ الفِقهَ ثُمَّ المَتجَرَ وَالله لَلرِّبَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ أَخفَى مِن دَبِيبِ النَّملِ عَلَى الصَّفَا، شُوبُوا إِيمَانَكُم [أو أیمانکم] بِالصِّدقِ، التَّاجِرُ فَاجِرٌ وَالفَاجِرُ فِي النَّارِ إِلَّا مَن أَخَذَ الحَقَّ وَأَعطَى الحَقَّ.(2)
ص: 104
2. عن أمیرالمؤمنین عليّ(علیه السلام): يَا مَعشَرَ التُّجَّارِ اتَّقُوا الله [في مخالفته]... تَنَاهَوا عَنِ اليَمِينِ وَجَانِبُوا الكِذبَ وَتَجَافَوا عَنِ الظُّلمِ وَأَنصِفُوا المَظلُومِينَ وَلَا تَقرَبُوا الرِّبَا «وَأَوفُوا الكَيلَ وَالمِيزانَ وَلا تَبخَسُوا النَّاسَ أَشياءَهُم»(1) «وَلَا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ»(2).(3)
3. قال الصادق(علیه السلام): عَلَيكَ بِصِدقِ اللِّسَانِ فِي حَدِيثِكَ وَلَا تَكتُم عَيباً يَكُونُ فِي تِجَارَتِكَ وَلَا تَغبِنِ المُستَرسِلَ فَإِنَّ غَبنَهُ لَا يَحِلُّ وَلَا تَرضَ لِلنَّاسِ إِلَّا مَا تَرضَى لِنَفسِكَ وَأَعطِ الحَقَّ وَخُذهُ وَ لَا تَخَف وَلَا تَخُن فَإِنَّ التَّاجِرَ الصَّدُوقَ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ يَومَ القِيَامَةِ وَاجتَنِبِ الحَلفَ فَإِنَّ اليَمِينَ الفَاجِرَةَ تُورِثُ صَاحِبَهَا النَّارَ وَالتَّاجِرُ فَاجِرٌ إِلَّا مَن أَعطَى الحَقَّ وَأَخَذَهُ.(4)
4. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): إِنَّ البَيعَ فِي الظِّلَالِ غِشٌّ
ص: 105
وَالغِشُّ لَا يَحِلُّ.(1)
5. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): لَيسَ مِنَّا مَن غَشَّ مُسلِماً أَو ضَرَّهُ أَو مَاكَرَهُ.(2)
6. قال موسی بن جعفر(علیهما السلام): مَلعُونٌ مَن غَشَّ مُسلِماً أَو غَرَّهُ أَو مَاكَرَه.(3)
7. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن غَشَّ مُسلِماً فِي شِرَاءٍ أَو بَيعٍ فَلَيسَ مِنَّا وَيُحشَرُ يَومَ القِيَامَةِ مَعَ اليَهُودِ لِأَنَّهُم أَغَشُّ الخَلقِ.(4)
8. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن بَاتَ وَفِي قَلبِهِ غِشٌّ لِأَخِيهِ المُسلِمِ بَاتَ فِي سَخَطِ الله وَأَصبَحَ كَذَلِكَ وَهُوَ فِي سَخَطِ الله حَتَّى يَتُوبَ وَيُرَاجِعَ وَإِن مَاتَ كَذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيرِ دِينِ الإِسلَام.(5)
ص: 106
9. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): المَكرُ وَالخَدِيعَةُ وَالخِيَانَةُ فِي النَّارِ.(1)
10. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن كَانَ مُسلِماً فَلَا يَمكُر وَلَا يَخدَع.(2)
ص: 107
ص: 108
إنّ من أقبح الخصال أن یکون الإنسان ذا وجهین وذا لسانین وهو شرّ الناس في الإسلام.
1. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِندَ الله يَومَ القِيَامَةِ ذُو الوَجهَينِ.(1)
2. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): شَرُّ النَّاسِ مَن كَانَ ذَا وَجهَينِ وَلِسَانَينِ.(2)
3. عن موسی بن جعفر(علیهما السلام): بِئسَ العَبدُ عَبدٌ يَكُونُ ذَا وَجهَينِ وَلِسَانَينِ يُطرِي أَخَاهُ إِذَا شَاهَدَ وَيَأكُلُ إِذَا غَابَ عَنهُ [أي: یذکره بسوء] إِن أُعطِيَ حَسَدَهُ وَإِنِ ابتُلِيَ خَذَلَهُ.(3)
ص: 109
4. عن جعفر بن محمّد الصادق(علیهما السلام): مَن لَقِيَ المُسلِمِينَ بِوَجهَينِ وَلِسَانَينِ جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانَانِ مِن نَارٍ.(1)
ص: 110
قد حذّر الإسلام الناس من الغضب في غیر موضعه (لغیر اللّه) فإنّه مذموم ویُردي صاحبه إلی المهلکة و _ في المقابل _ حرّضهم وشوّقهم إلی الحلم وکظم الغضب کثیراً.
غَضَبَهُ لَم يَملِك عَقلَهُ.(1)
4. عن أمیر المؤمنین عليّ(علیه السلام): الغَضَبُ شَرٌّ إِن أَطَعتَهُ دَمَّرَ * الغَضَبُ عَدُوٌّ فَلَا تُمَلِّكهُ نَفسَكَ * الغَضَبُ يُفسِدُ الأَلبَابَ وَيُبعِدُ مِنَ الصَّوَابِ * احذَرُوا الغَضَبَ فَإِنَّهُ نَارٌ مُحرِقَةٌ *
إِيَّاكَ وَالغَضَبَ فَأَوَّلُهُ جُنُونٌ وَآخِرُهُ نَدَمٌ * بِئسَ القَرِينُ الغَضَبُ يُبدِي المَعَائِبَ وَيُدنِي الشَّرَّ وَيُبَاعِدُ الخَيرَ * مَن غَلَبَ عَلَيهِ غَضَبُهُ وَشَهوَتُهُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ البَهَائِم.(2)
ص: 112
قال الله تعالی في صفة المتّقین الذین وعدهم بالجنّة الواسعة:
1. «وَسارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ * الَّذينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكاظِمينَ الغَيظَ وَالعافينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنين».(1)
2. «فَما أُوتيتُم مِن شَي ءٍ فَمَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَما عِندَ اللَّهِ [من ثواب الآخرة] خَيرٌ وَأَبقى لِلَّذينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ* وَالَّذينَ يَجتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثمِ وَالفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُم يَغفِرُون».(2)
1. قال الصادق(علیه السلام): مَا مِن عَبدٍ كَظَمَ غَيظاً إِلَّا زَادَهُ
ص: 113
الله(عزوجل) عِزّاً فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.(1)
2. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن كَظَمَ غَيظاً وَهُوَ يَقدِرُ عَلَى إِنفَاذِهِ وَحَلُمَ عَنهُ أَعطَاهُ الله أَجرَ شَهِيدٍ.(2)
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن كَظَمَ غَيظاً وَهُوَ يَقدِرُ عَلَى إِمضَائِهِ أَعقَبَهُ الله أَمناً وَإِيمَاناً يَجِدُ طَعمَه.(3)
4. قال الصادق(علیه السلام): مَن كَظَمَ غَيظاً وَلَو شَاءَ أَن يُمضِيَهُ أَمضَاهُ مَلَأَ اللهُ قَلبَهُ يَومَ القِيَامَةِ رِضَاهُ.(4)
5. قال الصادق(علیه السلام): مَن كَظَمَ غَيظاً وَهُوَ يَقدِرُ عَلَى إِنفَاذِهِ مَلَأَ الله قَلبَهُ أَمناً وَإِيمَاناً إِلَى يَومِ القِيَامَة.(5)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): أَعقَلُ النَّاسِ أَشَدُّهُم مُدَارَاةً لِلنَّاسِ
ص: 114
وَأَحزَمُ النَّاسِ أَكظَمُهُم غَيظاً.(1)
7. عن الباقر(علیه السلام): إِنَ الله يُحِبُّ الحَيِيَّ الحَلِيمَ.(2)
8. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَ الرَّجُلَ لَيُدرِكُ بِالحِلمِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ.(3)
9. عن الباقر(علیه السلام):مَن كَفَّ غَضَبَهُ عَنِ النَّاسِ كَفَّ الله عَنهُ عَذَابَ يَومِ القِيَامَةِ.(4)
10. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مِن أَحَبِّ السَّبِيلِ إِلَى الله(عزوجل) جُرعَتَانِ: جُرعَةُ غَيظٍ تَرُدُّهَا بِحِلمٍ، وَجُرعَةُ مُصِيبَةٍ تَرُدُّهَا بِصَبرٍ.(5)
ص: 115
ص: 116
الفُحش قبیح ویوجب إیذاء الناس وإثارة غضبهم، وقد ورد المنع عنه فی الأدلّة الشرعیّة، وکذا ورد الأمر بحسن القول.
1. «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنَاً».(1) [هذا ضمن العهد الذي أخذه الله من بني إسرائیل]
2. «قَولٌ مَعرُوفٌ وَمَغفِرَةٌ [أي: غفران خطأ الفقیر] خَيرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَليمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لَا تُبطِلُوا صَدَقاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى».(2)
3. یقول القرآن الکریم عن أولیاء السفهاء: «وَلَا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ [أي: أموال السفهاء التي هي في حکم أموال الأولیاء] الَّتي جَعَلَ اللَّهُ لَكُم قِياماً وَارزُقُوهُم فيها وَاكسُوهُم وَقُولُوا لَهُم قَولاً مَعرُوفاً [أي: إذا أساء إلیکم لأخذها علی سبیل المثال، فقولوا في جوابهم قولاً حسناً
ص: 117
وعدّوهم وعداً حسناً]».(1)
4. «وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولُوا القُربى [أي: الأقرباء الذین لا یرثون] وَاليَتامى وَالمَسَاكِينُ فَارزُقُوهُم مِنهُ وقُولُوا لَهُم قَولاً
مَعرُوفاً [کالاعتذار منهم أو الدعاء لهم بخیر]».(2)
5. «وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ [ولیتلطفوا مع أولاد وأیتام الآخرین ولیداروهم] وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَديداً [نابعاً عن الشفقة والرحمة]».(3)
6. «وَقُل لِعِبادي يَقُولُوا [لبعضهم البعض وعن بعض] الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبيناً».(4)
1. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: قُولُوا لِلنَّاسِ أَحسَنَ مَا تُحِبُّونَ أَن يُقَالَ لَكُم.(5)
ص: 118
2. قال أبو عبدالله(علیه السلام): مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيناً وَلَا تَكُونُوا عَلَينَا شَيناً قُولُوا لِلنَّاسِ حُسناً وَاحفَظُوا أَلسِنَتَكُم وَكُفُّوهَا عَنِ الفُضُولِ وَقَبِيحِ القَولِ.(1)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام): فَاتَّقُوا الله وَكُفُّوا أَلسِنَتَكُم إِلَّا مِن خَيرٍ.(2)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ مِن أَشَرِّ عِبَادِ الله مَن تُكرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحشِهِ.(3)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: إِنَّ الفُحشَ وَالبَذَاءَ وَالسَّلَاطَةَ مِنَ النِّفَاقِ.(4)
6. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: إِنَ أَبغَضَ خَلقِ الله عَبدٌ اتَّقَى النَّاسُ لِسَانَهُ.(5)
ص: 119
7. عن النبيّ(صلی الله علیه واله) قال: إِنَّ الله يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِي ء.(1)
8. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): ... مَن خَافَ النَّاسُ لِسَانَهُ فَهُوَ مِن أَهلِ النَّارِ... شَرُّ النَّاسِ مَن أَكرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحشِهِ وَشَرِّه.(2)
9. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): شَرُّ النَّاسِ عِندَ الله يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُكرَمُونَ اتِّقَاءَ شَرِّهِم.(3)
ص: 120
إنّ من الصفات الرذیلة في الإنسان العداوة والحقد بالنسبة إلی الآخرین، والإسلام قد منع عنهما وذمّهما وقد یکونا منشأً للرذائل والأعمال المهلکة الأخری کالغیبة والکذب والافتراء والشماتة والسخریّة والفحش والإیذاء والظلم والحسد والبخل، ویفسدان عاقبة أمر الإنسان في الدنیا والآخرة.
2. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قال: دَعِ الحَسَدَ وَالكِذبَ وَالحِقدَ فَإِنَّهُنَّ ثَلَاثَةٌ تَشِينُ الدِّينَ وَتُهلِكُ الرَّجُلُ.(1)
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا تَقطَع رَحِمَكَ وَإِن قَطَعَتكَ.(2)
4. قال الباقر(علیه السلام): إِذَا تَنَازَعَ اثنَانِ مِن شِيعَتِنَا فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَليَرجِعِ المَظلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: يَا أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَنقَطِعَ الهِجرَانُ فِيمَا بَينَهُمَا، إِنَّ الله تَعَالَى حَكَمٌ عَدلٌ يَأخُذُ لِلمَظلُومِ مِنَ الظَّالِم.(3)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): أَلا إِنَّ فِي التَّبَاغُضِ الحَالِقَةَ لَا أَعنِي حَالِقَةَ الشَّعرِ وَلَكِن حَالِقَةَ الدِّينِ.(4)
6. أبو جعفر(علیه السلام) يَقُولُ: عَظِّمُوا أَصحَابَكُم وَوَقِّرُوهُم وَلَا
ص: 122
يَتَهَجَّم بَعضُكُم عَلَى بَعضٍ وَلَا تَضَارُّوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَإِيَّاكُم وَ البُخلَ وَكُونُوا عِبَادَ الله المُخلِصِينَ.(1)
7. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالسَّابِقُ [للوصل وقطع الهجران] يَسبِقُ إِلَى الجَنَّةِ.(2)
8. عن أبي عبدالله(علیه السلام) أنّه قال: المُؤمِنُ هَدِيَّةُ اللهِ(عزوجل) إِلَى أَخِيهِ المُؤمِنِ فَإِن سَرَّهُ وَوَصَلَهُ فَقَد قَبِلَ مِنَ الله(عزوجل) هَدِيَّتَهُ وَإِن قَطَعَهُ وَهَجَرَهُ فَقَد رَدَّ عَلَى الله(عزوجل) هَدِيَّتَه.(3)
9. عن أبي عبدالله(علیه السلام) أنّه قال: لَا يَقبَلُ اللُه مِن مُؤمِنٍ عَمَلاً وَهُوَ مُضمِرٌ عَلَى أَخِيهِ المُؤمِنِ سُوءاً.(4)
ص: 123
الف: ورد النهي عن «الشحناء» و«المشارة» و«الملاحاة» في الروایات، والمراد من الشحناء العداوة والحقد، ومن المشارة المخاصمة، ومن الملاحاة المنازعة.
ب: ورد النهي عن هجر المؤمن فوق ثلاثة أیّام في الروایات کما ورد عن الرسول الأکرم(صلی الله علیه واله) أنّه قال: «لَا هِجرَةَ فَوقَ ثَلَاث»(1)
أو «لَا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلَاثَةٍ»،(2)
الظاهر أنّ المراد من هذا الهجر هو التباعد بین المؤمنین بعد وقوع منازعة بینهم.
ج: قد ورد في عدة روایات المنع من حَجب المؤمن، منها روایة أبي حمزة عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: قُلتُ لَهُ: جُعِلتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي مُسلِمٍ أَتَى مُسلِماً وَهُوَ فِي مَنزِلِهِ فَاستَأذَنَ عَلَيهِ فَلَم
ص: 124
يَأذَن لَهُ وَلَم يَخرُج إِلَيهِ؟ قَالَ: يَا أَبَا حَمزَةَ أَيُّمَا مُسلِمٍ أَتَى مُسلِماً زَائِراً أَو طَالِبَ حَاجَةٍ وَهُوَ فِي مَنزِلِهِ فَاستَأذَنَ عَلَيهِ فَلَم يَأذَن لَهُ وَلَم يَخرُج إِلَيهِ لَم يَزَل فِي لَعنَةِ الله حَتَّى يَلتَقِيَا. قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ فِي لَعنَةِ الله حَتَّى يَلتَقِيَا؟ قَالَ: نَعَم.(1)
وفی روایة أخری عن أبي الحسن الرضا(علیه السلام) قال: المُؤمِنُ أَخُو المُؤمِنِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن غَشَّ أَخَاهُ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن لَم يَنصَح أَخَاهُ مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ احتَجَبَ عَن أَخِيهِ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ اغتَابَ أَخَاهُ.(2)
ص: 125
ص: 126
إنّ من الصفات المذمومة الحرص، فهو سبب للمذلّة والوقوع في المعصیة.
4. قال أبو جعفر(علیه السلام): مَثَلُ الحَرِيصِ عَلَى الدُّنيَا مَثَلُ دُودَةِ القَزِّ كُلَّمَا ازدَادَت عَلَى نَفسِهَا لَفّاً كَانَ أَبعَدَ لَهَا مِنَ الخُرُوجِ حَتَّى تَمُوتَ غَمّاً.(1)
5. قال أبو عبدالله(علیه السلام): أَغنَى الغِنَى مَن لَم يَكُن لِلحِرصِ أسِیرَاً.(2)
ص: 128
إنّ من الصفات المذمومة الأخری الطمع، وهو التوقّع من الناس فإنّه یستوجب الذلّة والحقارة.
1. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: بِئسَ العَبدُ عَبدٌ يَكُونُ لَهُ طَمَعٌ يَقُودُهُ.(1)
2. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: خَيرُ الأُمُورِ مَا عَرِيَ عَنِ الطَّمَعِ.
3. وقال(علیه السلام): صَلَاحُ الإِيمَانِ الوَرَعُ وَفَسَادُهُ الطَّمَعُ.
4. وقال(علیه السلام): ذُلُّ الرِّجَالِ فِي المَطَامِعِ.
5. وقال(علیه السلام): وَإِيَّاكَ وَ غُرُورَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ وَخِيمُ المَرتَعِ.
6. وقال(علیه السلام): مَن لَم يُنَزِّه نَفسَهُ عَن دَنَاءَةِ المَطَامِعِ فَقَد
ص: 129
أَذَلَّ نَفسَهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلُّ وَ أَخزَى.(1)
7. قال الباقر(علیه السلام): اطلُب بَقَاءَ العِزِّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ.(2)
ص: 130
إنّ الحیاء في الإنسان من الخصال الممدوحة، والمراد منه الحیاء عن اتیان القبیح ومن ترک طاعة الربّ ومن ارتکاب المعصیة، وإنّه حسن وممدوح عقلاً وشرعاً؛ ولکنّ الحیاء في الافعال الحسنة وطاعة الربّ وترک القبیح والمعصیة، مذموم وحماقة. وفي کلّ موضع یکون الحیاء ممدوحاً تکون الوقاحة مذمومة وممنوعة البتّة.
قَرَنٍ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا تَبِعَهُ صَاحِبُهُ.(1)
4. قال أبو عبدالله(علیه السلام): رَأسُهُنَّ [المکارم] الحَيَاءُ.(2)
5. قال رسول الله(علیه السلام): رَحِمَ الله عَبداً استَحيَا مِن رَبِّهِ حَقَّ الحَيَاءِ حَفِظَ الرَّأسَ وَمَا حَوَى [العین والاُذن واللسان أو أفکاره] وَالبَطنَ وَمَا وَعَى [من الطعام والشراب] وَذَكَرَ القَبرَ وَالبِلَى [أي: بلی الجسد] وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ فِي الآخِرَةِ مَعَادا.(3)
6. عَنِ الكَاظِمِ(علیه السلام): إِنَّ الله حَرَّمَ الجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ بَذِيٍّ قَلِيلِ الحَيَاءِ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَلَا مَا قِيلَ فِيه.(4)
7. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: القِحةُ عُنوَانُ كُلِّ الشَّرّ.(5)
ص: 132
8. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): الحَيَاءُ حَيَاءَانِ حَيَاءُ عَقلٍ وَحَيَاءُ حُمقٍ فَحَيَاءُ العَقلِ هُوَ العِلمُ وَحَيَاءُ الحُمقِ هُوَ الجَهلُ [علی سبیل المثال الحیاء الذي یکون لدی الإنسان من القول أو الفعل القبیح فهو حیاء العقل والعلم، وأمّا الحیاء لفعل الحسن أو السؤال عن المسائل العلميّة وتعلّم أحکام الدین فهو حیاء الحمق والجهل].(1)
9. عن عليّ بن الحسين(علیهما السلام) قال: المُؤمِنُ لَا يَعمَلُ شَيئاً مِنَ الخَيرِ رِيَاءً وَلَا
يَترُكُهُ حَيَاءا.(2)
10. عن الصادق(علیه السلام): لَا تَدَعهُ [العلم]... استِحيَاءً مِنَ النَّاسِ.(3)
ص: 133
ص: 134
قد منع الإسلام عن سوء الظنّ بالمؤمنین وتتبّع عیوبهم وزلّاتهم.
1. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا [عن عیوب الناس وزلّاتهم]».(1)
2. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: اطرَحُوا سُوءَ الظَّنِّ بَينَكُم فَإِنَّ الله(عزوجل) نَهَى عَن ذَلِكَ.(1)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: إِذَا اتَّهَمَ المُؤمِنُ أَخَاهُ انمَاثَ الإِيمَانُ فِي قَلبِهِ كَمَا يَنمَاثُ المِلحُ فِي المَاءِ.(2)
4. عن أبي الحسن الرضا(علیه السلام) قال: مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن غَشَّ أَخَاهُ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن لَم يَنصَح أَخَاهُ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ احتَجَبَ عَن أَخِيهِ، مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَنِ اغتَابَ أَخَاهُ.(3)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا تَطلُبُوا عَورَاتِ المُؤمِنِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَثَرَاتِهِم فَإِنَّ مَنِ اتَّبَعَ عَثرَةَ أَخِيهِ اتَّبَعَ الله عَثرَتَهُ وَمَنِ اتَّبَعَ الله عَثرَتَهُ فَضَحَهُ وَلَو فِي جَوفِ بَيتِه.(4)
ص: 136
النمیمة من الأفعال القبیحة جدّاً وورد المنع عنها بشدّة في الإسلام، وقد تصیر سبباً في إشعال الفتنة وإثارة الفوضی العارمة.
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): أَ لَا أُنَبِّئُكُم بِشِرَارِكُم؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله. قَالَ: المَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، المُفَرِّقُونَ بَينَ الأَحِبَّةِ، البَاغُونَ لِلبُرَآءِ المَعَايِبَ.(1)
2. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): شِرَارُ النَّاسِ مَن يُبغِضُ المُؤمِنِينَ وَتُبغِضُهُ قُلُوبُهُم، المَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ المُفَرِّقُونَ بَينَ الأَحِبَّةِ البَاغُونَ لِلنَّاسِ العَيبَ، أُولَئِكَ لَا يَنظُرُ اللهُ إِلَيهِم [نظر رحمة] وَلَا يُزَكِّيهِم.(2)
ص: 137
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ سَفَّاكُ الدَّمِ وَلَا مُدمِنُ الخَمرِ وَلَا مَشَّاءٌ بِنَمِيمَةٍ.(1)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتُ... صَاحِبُ النَّمِيمَةِ لَا يَستَرِيحُ مِن عَذَابِ الله فِي الآخِرَِة.(2)
5. عن أبي الحسن الرضا(علیه السلام) قال: حَرُمَتِ الجَنَّةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ: النَّمَّامِ وَمُدمِنِ الخَمرِ وَالدَّيُّوثِ وَهُوَ الفَاجِرُ.(3)
6. عن أبي عبدالله الصادق(علیه السلام) قال: أَربَعَةٌ لَا يَدخُلُونَ الجَنَّةَ الكَاهِنُ وَالمُنَافِقُ وَمُدمِنُ الخَمرِ وَالقَتَّاتُ وَهُوَ النَّمَّامُ.(4)
7. عن الصادق(علیه السلام) قال: إِنَّ النَّمَّامَ شَاهِدُ زُورٍ وَشَرِيكُ
ص: 138
إِبلِيسَ فِي الإِغرَاءِ بَينَ النَّاس.(1)
8. عن رَسُولَ الله(صلی الله علیه واله): [إِنَّهُ] نَهَى عَنِ النَّمِيمَةِ وَالاستِمَاعِ إِلَيهَا.(2)
ص: 139
ص: 140
إنّ من الأمور التي نهی عنها الإسلام نهیاً باتّاً (کما سیأتي في الفصل الآتي) غیبة المؤمن وهي: إظهار عیب المؤمن وزلّته المستورتان مع عدم رضایته بإظهارهما والبوح بهما؛ وأسوأ منها البهتان، وهو: رمي المؤمن بعیب أو زلّةٍ کذباً وافتراءاً.
ومن الواضح أنّ اغتیاب المؤمن أو اتّهامه تستلزم انتهاک عرض المؤمن وشرفه وکرامته وایذائه وهذا ظلم عظیم علیه، ویعتبرهما العقلاء الشرفاء ظلماً أشدُّ من الظلم المالي إذ تراهم یصرفون الأموال لوقایة عرضهم وشرفهم.
1. عَنِ النبيّ(صلی الله علیه واله): الغِيبَةُ: ذِكرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكرَهُ (ثمّ قال) اعلَم أَنَّكَ إِذَا ذَكَرتَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَقَدِ اغتَبتَهُ وَإِذَا ذَكَرتَهُ بِمَا لَيسَ فِيهِ فَقَد بَهَتَّهُ.(1)
2. قال أبو عبدالله(علیه السلام): الغِيبَةُ أَن تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا سَتَرَهُ الله عَلَيهِ، وَأَمَّا الأَمرُ الظَّاهِرُ مِثلَ الحِدَّةِ وَالعَجَلَةِ فَلَا [فلا تکون غیبة محرّمة] والبُهتَانُ أَن تَقُولَ فِيهِ مَا لَيسَ فِيهِ.(2)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَن بَهَتَ مُؤمِناً أَو مُؤمِنَةً بِمَا لَيسَ فِيهِ بَعَثَهُ الله فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَخرُجَ مِمَّا قَالَ. [قال الراوي] قُلتُ: وَمَا طِينَةُ خَبَالٍ؟ قَالَ: صَدِيدٌ يَخرُجُ مِن فُرُوجِ المُومِسَاتِ.(3)
4. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَن قَالَ فِي مُؤمِنٍ مَا لَيسَ
ص: 142
فِيهِ حَبَسَهُ الله فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَخرُجَ مِمَّا قَالَ فِيهِ وَقَالَ: إِنَّمَا الغِيبَةُ أَن تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا هُوَ فِيهِ مِمَّا قَد سَتَرَهُ الله(عزوجل)، فَإِذَا قُلتَ فِيهِ مَا لَيسَ فِيهِ فَذَلِكَ قَولُ الله(عزوجل) فِي كِتَابِهِ: «فَقَدِ احتَمَلَ بُهتاناً وَإِثماً مُبِيناً»(1).(2)
ص: 143
ص: 144
من الأمور التي نهی عنها الإسلام نهیاً باتّاً غیبة المؤمن، وهي (کما ذکر في بحث البهتان) إظهار عیب المؤمن أو زلّته المستورتین من الناس مع عدم رضایته بإظهاره. أمّا ذکر الأمر الظاهر فیه أو الفسق الذي یرتکبه علناً ولا یستره عن الناس فهو غیر منهيّ وغیر محرّم.(1)
1. «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلا تَجَسَّسُوا [عن بواطن البعض] وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحمَ أَخيهِ مَيتاً [فاعلموا أنّ الغیبة في حکم ذلک] فَكَرِهتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ
ص: 145
[عن عصیانه] إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحيمٌ».(1)
2. «إِنَّ الَّذينَ يُحِبُّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنُوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ».(2)
1. عن النبيّ(صلی الله علیه واله) قال: الغِيبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله وَلِمَ ذَلِكَ؟
قَالَ(صلی الله علیه واله): أَمَّا صَاحِبُ الزِّنَا فَيَتُوبُ فَيَتُوبُ الله عَلَيهِ وَأَمَّا صَاحِبُ الغِيبَةِ فَيَتُوبُ فَلَا يَتُوبُ الله عَلَيهِ حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ الَّذِي يُحِلُّهُ.(3)
2. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَن قَالَ فِي مُؤمِنٍ مَا رَأَتهُ عَينَاهُ وَسَمِعَتهُ أُذُنَاهُ [ممّا یستلزم من إظهاره غیبته] فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ الله(عزوجل): «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَة»(4).(5)
ص: 146
3. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): وَالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أُعطِيَ مُؤمِنٌ قَطُّ خَيرَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا بِحُسنِ ظَنِّهِ بِالله(عزوجل) وَالكَفِّ عَنِ اغتِيَابِ المُؤمِنِ، وَالله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعَذِّبُ الله(عزوجل) مُؤمِناً بِعَذَابٍ بَعدَ التَّوبَةِ وَالاستِغفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ [بِالله(عزوجل)] وَاغتِيَابِهِ لِلمُؤمِنِينَ.(1)
ص: 147
ص: 148
ورد في الإسلام النهي عن السخریّة والتنابز بالألقاب القبیحة.
1. «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لَا يَسخَر قَومٌ مِن قَومٍ عَسى أَن يَكُونُوا خَيراً مِنهُم وَلَا نِساءٌ مِن نِساءٍ عَسى أَن يَكُنَّ خَيراً مِنهُنَّ وَلا تَلمِزُوا أَنفُسَكُم وَلا تَنابَزُوا بِالأَلقابِ».(1)
ص: 149
ص: 150
ورد النهي والإنذار لمن یرتکب هذه الأمور (مع کونها من أقسام الظلم وهو قبیح جدّاً عقلاً وشرعاً)، کلّاً علی حدته في الأدلّة الشرعیّة؛ نذکر نماذج منها:
1. عن رسول الله(صلی الله علیه واله): وَمَنِ استَخَفَّ بِفَقِيرٍ مُسلِمٍ فَقَدِ استَخَفَّ بِحَقِّ الله وَالله يَستَخِفُّ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ إِلَّا أَن يَتُوبَ [في الدنیا].(1)
2. وقال(صلی الله علیه واله): مَن أَكرَمَ فَقِيراً مُسلِماً لَقِيَ الله يَومَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَنهُ رَاضٍ، أَلَا وَمَن أَكرَمَ أَخَاهُ المُسلِمَ فَإِنَّمَا يُكرِمُ
ص: 151
الله(عزوجل).(1)
3. عن رسول الله(صلی الله علیه واله) أنّه قال: مَن أَهَانَ فَقِيراً مُسلِماً مِن أَجلِ فَقرِهِ وَاستَخَفَّ بِهِ فَقَدِ
استَخَفَّ بِالله وَلَم يَزَل فِي غَضَبِ الله(عزوجل) وَسَخَطِهِ حَتَّى يُرضِيَهُ.(2)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): قَالَ الله(عزوجل): مَنِ استَذَلَّ عَبدِيَ المُؤمِنَ فَقَد بَارَزَنِي بِالمُحَارَبَة.(3)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: لَا تُحَقِّرُوا مُؤمِناً فَقِيراً فَإِنَّ مَن حَقَّرَ مُؤمِناً أَوِ استَخَفَّ بِهِ حَقَّرَهُ اللهُ.(4)
6. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَن حَقَّرَ مُؤمِناً مِسكِيناً أَو غَيرَ مِسكِينٍ لَم يَزَلِ الله(عزوجل) حَاقِراً لَهُ مَاقِتاً حَتَّى يَرجِعَ
ص: 152
عَن مَحقَرَتِهِ إِيَّاهُ.(1)
7. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن آذَى مُؤمِناً آذَاهُ الله وَمَن أَحزَنَهُ أَحزَنَهُ اللهُ.(2)
8. عن أبي عبدالله(علیه السلام): قَالَ الله(عزوجل): لِيَأذَن بِحَربٍ مِنِّي مَن آذَى عَبدِيَ المُؤمِنَ
وَليَأمَن غَضَبِي مَن أَكرَمَ عَبدِيَ المُؤمِنَ.(3)
9. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن نَظَرَ إِلَى مُؤمِنٍ نَظرَةً لِيُخِيفَهُ بِهَا أَخَافَهُ الله(عزوجل) يَومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.(4)
ص: 153
ص: 154
هذه الأمور مضافاً إلی أنّها من مصادیق ظلم المؤمن وإیذائه وهما قبیحان ومحرّمان عقلاً وشرعاً، ورد النهي والتوعید علیها بعناوینها الخاصّة.
1. قال النبيّ(صلی الله علیه واله): المُؤمِنُ حَرَامٌ كُلُّهُ عِرضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ.(1)
2. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): سِبَابُ المُؤمِنِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفرٌ وَأَكلُ لَحمِهِ [أي: غیبته] مَعصِيَةٌ لِله وَحُرمَةُ مَالِهِ كَحُرمَةِ دَمِهِ.(2)
3. عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إِيَّاكُم وَالطَّعنَ عَلَى المُؤمِنِينَ.(3)
4. عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: مَا مِن إِنسَانٍ يَطعُنُ فِي عَينِ
ص: 155
مُؤمِنٍ إِلَّا مَاتَ بِشَرِّ مِيتَةٍ وَكَانَ قَمِناً أَن لَا يَرجِعَ إِلَى خَيرٍ.(1)
5. قال أبو عبدالله(علیه السلام): إِنَّ اللَّعنَةَ إِذَا خَرَجَت مِن صَاحِبِهَا تَرَدَّدَت بَينَهُ وَبَينَ الَّذِي
يُلعَنُ فَإِن وَجَدَت مَسَاغاً وَإِلَّا رَجَعَت إِلَى صَاحِبِهَا وَكَانَ أَحَقَّ بِهَا فَاحذَرُوا أَن تَلعَنُوا مُؤمِناً فَيَحِلَّ بِكُم.(2)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن عَيَّرَ مُؤمِناً بِشَي ءٍ لَم يَمُت حَتَّى يَركَبَهُ.(3)
7. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَن أَنَّبَ مُؤمِناً أَنَّبَهُ الله(عزوجل) فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.(4)
8. عن الصادق جعفر بن محمّد(علیهما السلام): مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن رَمَى مُؤمِناً بِكُفرٍ، وَمَن رَمَى مُؤمِناً بِكُفرٍ فَهُوَ كَقَاتِلِه.(5)
ص: 156
الصلح والمداراة: إنّ الإسلام لا یمنع ولا ینهی بشدةٍ من أيّ ظلم وتعدٍّ وإیذاء وإضرار بالناس بعضهم بعضاً (کما ذکر في کثیر من المباحث السابقة في هذا الکتاب) فحسب، بل یقول: إنّ آحاد المجتمع بعضهم لبعض إخوة وعلیهم أن یصلحوا فیما بینهم وأن یتعاونوا في جمیع الأمور الحسنة في المادّیّات والمعنويّات.
وتارة یقول: إنّ المجتمع بمنزلة الأسرة الواحدة؛ الشیوخ والعجائز بمنزلة الأب والأمّ، والشباب بمنزلة الأخ والأخت، والأطفال بمنزلة الأولاد. بل تکون نسبة بعضهم ببعضٍ في الإحسان والرأفة والعطف والمساعدة کأعضاء البدن الواحد فإذا اشتکی عضو منه تداعی له سائر الأعضاء بالسهر والحمّی.
الإسلام یقول: علی المؤمنین أن یتحابّوا فیما بینهم وأن یهدي بعضهم الآخر، ویهتمّوا بأمورهم وینصح وینفع ویخدم ویقضي حوائج بعضهم البعض ویوصي کلّ واحد منهم الآخر
ص: 157
إلی فعل الخیر والمعروف وترک القبیح والمنکر والفساد؛ وأن یحبّ کلّ واحد منهم للآخر ما یحبّ لنفسه ویکره له ما یکره لنفسه.
الإسلام یقول: یجب علی الناس أن یکونوا صفّاً واحداً کالبنیان المرصوص في مجابهة العدوّ الظالم متّحدین بمنزلة ید واحدة، ومضافاً إلی الوحدة التي تعتبر من أعظم عوامل التقدّم والنجاح یجب أن یکون المسلمون علی أتمّ الإستعداد علی کافّة الأصعدة العلميّة والحربيّة الحدیثة إرعاباً للعدوّ.
إنّ الإسلام یقول: إنّ أفراد المجتمع متساوون قبال القانون والحقوق کأسنان المشط، والامتیازات الجاهلیّة کالعنصریّة ملغیة فیما بین الناس. نعم یکون الامتیاز (أي الامتیاز في الکرامة لا في الحقوق) بکثرة التقوی والعلم.
قد أوصی الإسلام الناس برعایة الضعفاء وحمایتهم بالعناوین والبیانات المتعدّدة.
نذکر لکلّ قسم من الأقسام المتقدّمة نموذجاً من الأدلّة الشرعیّة إن شاء الله.
ص: 158
الإسلام یقول: إنّ المؤمنین إخوة؛ فعلیهم بالإصلاح فیما بینهم وأن یُعین بعضهم الآخر علی تقوی الله والإحسان إلی الآخرین، بل اعتبرهم کأعضاء الأسرة الواحدة بل کأعضاء الجسد الواحد.
1. «إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحُوا بَينَ أَخَوَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ».(1)
2. «لَا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلَّا [نجوی] مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النَّاسِ وَمَن يَفعَل ذلِكَ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجراً عَظيماً».(2)
3. «وَتَعاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ [من المعاصي] إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ».(3)
ص: 159
1. عن رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) قال: وَمَن مَشَى فِي صُلحٍ بَينَ اثنَينِ صَلَّى عَلَيهِ مَلَائِكَةُ الله، حَتَّى يَرجِعَ وَأُعطِيَ ثَوَابَ لَيلَةِ القَدر.(1)
2. عن الإمام زین العابدين(علیه السلام) قال: وَحَقُ أَهلِ مِلَّتِكَ إِضمَارُ السَّلَامَةِ وَالرَّحمَةِ لَهُم... أَن تَكُونَ شُيُوخُهُم بِمَنزِلَةِ أَبِيكَ وَشَبَابُهُم بِمَنزِلَةِ إِخوَتِكَ وَعَجَائِزُهُم بِمَنزِلِ أُمِّكَ والصِّغَارُ مِنهُم بِمَنزِلَةِ أَولَادِك.(2)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: المُؤمِنُونَ فِي تَبَارِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ إِذَا اشتَكَى تَدَاعَى لَهُ سَائِرُهُ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى.(3)
ص: 160
الإسلام یقول: یجب أن یکون المؤمنون بعضهم معیناً ومحبّاً وعیناً ودلیلاً للبعض الآخر، وأن یهتمّوا بأمور المسلمین وأن یکونوا نافعین وناصحین وساعین في رفع حوائجهم.
1. «وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ [ومحبین] بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكاةَ وَيُطيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ».(1)
1. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: المُؤمِنُ أَخُو المُؤمِنِ عَينُهُ وَدَلِيلُهُ لَا يَخُونُهُ وَلَا يَظلِمُهُ وَلَا يَغُشُّهُ وَلَا يَعِدُهُ عِدَةً فَيُخلِفَهُ.(2)
ص: 161
2. قال أبو عبدالله(علیه السلام): المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ هُوَ عَينُهُ وَمِرآتُهُ وَدَلِيلُهُ لَا يَخُونُهُ وَلَا يَخدَعُهُ وَلَا يَظلِمُهُ وَلَا يَكذِبُهُ وَلَا يَغتَابُهُ.(1)
3. إنَّ النبيّ(صلی الله علیه واله) قال: مَن أَصبَحَ لَا يَهتَمُّ بِأُمُورِ المُسلِمِينَ فَلَيسَ مِنهُم [أي: لیس بمسلم کامل في إسلامه] وَمَن سَمِعَ رَجُلاً يُنَادِي يَا لَلمُسلِمِينَ فَلَم يُجِبهُ فَلَيسَ بِمُسلِمٍ [أي: لیس بمسلم کامل في إسلامه].(2)
4. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): الخَلقُ عِيَالُ الله فَأَحَبُّ الخَلقِ إِلَى الله مَن نَفَعَ عِيَالَ الله.(3)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام) يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ الله(صلی الله علیه واله) مَن أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله؟ قَالَ: أَنفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ.(4)
ص: 162
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): الخَلقُ كُلُّهُم عِيَالُ الله فَأَحَبُّهُم إِلَى الله(عزوجل) أَنفَعُهُم لِعِيَالِهِ.(1)
7. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): خَيرُ النَّاسِ مَنِ انتَفَعَ بِهِ النَّاس.(2)
8. عَنِ العَسكَرِيِّ(علیه السلام) أنّه قال: خَصلَتَانِ لَيسَ فَوقَهُمَا شَي ءٌ الإِيمَانُ بِالله وَنَفعُ الإِخوَانِ [المؤمنین].(3)
9. قَالَ رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ أَعظَمَ النَّاسِ مَنزِلَةً عِندَ الله يَومَ القِيَامَةِ أَمشَاهُم فِي أَرضِهِ بِالنَّصِيحَةِ لِخَلقِهِ.(4)
10. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لِيَنصَحِ الرَّجُلُ مِنكُم أَخَاهُ كَنَصِيحَتِهِ لِنَفسِهِ.(5)
ص: 163
11. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: عَلَيكُم بِالنُّصحِ لِله فِي خَلقِهِ فَلَن تَلقَاهُ بِعَمَلٍ أَفضَلَ مِنهُ.(1)
12. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: يَجِبُ لِلمُؤمِنِ عَلَى المُؤمِنِ النَّصِيحَةُ لَهُ فِي المَشهَدِ
وَالمَغِيبِ.(2)
13. عن الصادق(علیه السلام) قال: المُؤمِنُونَ خَدَمٌ بَعضُهُم لِبَعضٍ. [قال الراوي] قُلتُ: وَكَيفَ يَكُونُ خَدَمٌ بَعضُهُم لِبَعضٍ؟ قَالَ: يُفِيدُ بَعضُهُم بَعضاً.(3)
14. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ يَقضِي بَعضُهُم حَوَائِجَ بَعضٍ فَبِقضَاءِ بَعضِهِم حَوَائِجَ بَعضٍ يَقضِي الله حَوَائِجَهُم يَومَ القِيَامَةِ.(4)
15. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مَشيُ المُسلِمِ فِي حَاجَةِ
ص: 164
أَخِيهِ المُسلِمِ خَيرٌ مِن سَبعِينَ طَوَافاً بِالبَيتِ.(1)
16. قال أبو عبدالله(علیه السلام): لَقَضَاءُ حَاجَةِ امرِئٍ مُؤمِنٍ أَحَبُّ إِلَى الله مِن عِشرِينَ حِجَّةً كُلُّ حِجَّةٍ يُنفِقُ فِيهَا صَاحِبُهَا مِائَةَ أَلفٍ.(2)
17. عن أبي الحسن الکاظم(علیه السلام): إِنَّ لِله عِبَاداً فِي الأَرضِ يَسعَونَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ هُمُ الآمِنُونَ يَومَ القِيَامَةِ وَمَن أَدخَلَ عَلَى مُؤمِنٍ سُرُوراً فَرَّحَ الله قَلبَهُ يَومَ القِيَامَةِ.(3)
18. قَالَ أبو عبدالله(علیه السلام): قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: الخَلقُ عِيَالِي فَأَحَبُّهُم إِلَيَّ أَلطَفُهُم بِهِم وَأَسعَاهُم فِي حَوَائِجِهِم.(4)
19. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قَالَ: مَن سَعَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ المُسلِمِ فَاجتَهَدَ فِيهَا فَأَجرَى الله عَلَى يَدَيهِ قَضَاءَهَا
ص: 165
كَتَبَ الله(عزوجل) لَهُ حِجَّةً وَعُمرَةً وَاعتِكَافَ شَهرَينِ فِي المَسجِدِ الحَرَامِ وَصِيَامَهُمَا وَإِنِ اجتَهَدَ وَلَم يُجرِ الله قَضَاءَهَا عَلَى يَدَيهِ كَتَبَ الله(عزوجل) لَهُ حِجَّةً وَعُمرَةً.(1)
20. قَالَ رَسُولَ الله(صلی الله علیه واله):... وَمَشيٌ مَعَ أَخٍ مُسلِمٍ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَى الله تَعَالَى مِنِ اعتِكَافِ شَهرَينِ فِي المَسجِدِ الحَرَامِ.(2)
ص: 166
إنّ من الأوامر والفرائض المهمّة الاجتماعیّة في الإسلام التي تکون سبباً لسعادة الناس ولجلب الخیر لهم في الدنیا والآخرة وبها تقام سائر الفرائض والقوانین الإلهیّة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر.
الإسلام یقول: علی الناس أن یأمر بعضهم الآخر بأعمال الخیر والمعروف ویتناهوا عن المنکر والقبائح.(1)
ص: 167
ذکرنا في الفصل السابق آیة تشیر إلی هذا البحث علی سبیل المثال.
ص: 168
1. «وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ [مستعدّة بشکل تامّ] يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ [الدین] وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ».(1)
2. «مِن أَهلِ الكِتابِ [من آمن بمحمّد(صلی الله علیه واله)] أُمَّةٌ قائِمَةٌ [علی الحقّ وأداء الأوامر والنواهي الإلهيّة] يَتلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيلِ وَهُم يَسجُدُونَ* يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الخَيراتِ وَأُولئِكَ
مِنَ الصَّالِحينَ».(2)
3. «لَو لا يَنهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحبارُ عَن قَولِهِمُ الإِثمَ وَأَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسَ مَا كانُوا يَصنَعُونَ».(3)
4. «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ [أي: ینصر دینه] إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ * [الناصرون لدین الله أو المأذونون بالقتال الذین ذکروا في الآیة السابقة] الَّذينَ إِن مَكَّنَّاهُم فِي الأَرضِ أَقامُوا الصَّلاةَ [مع حدودها وشرائطها] وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا
ص: 169
[الناس] بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ».(1)
1. عن أبي جعفر و أبي عبدالله(علیهما السلام) قالا: وَيلٌ لِقَومٍ لَا يَدِينُونَ الله بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ.(2)
2. قال أبو جعفر(علیه السلام): بِئسَ القَومُ قَومٌ يَعِيبُونَ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ.(3)
3. رسول الله(صلی الله علیه واله): إِذَا أُمَّتِي تَوَاكَلَتِ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ فَليَأذَنُوا
بِوِقَاعٍ مِنَ الله تَعَالَى.(4)
4. قال النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّ الله يُبغِضُ المُؤمِنَ الضَّعِيفَ الَّذِي لَا زَبرَ لَهُ. وَقَالَ: هُوَ الَّذِي لَا يَنهَى عَنِ المُنكَرِ.(5)
5. قال النبيّ(صلی الله علیه واله): لَا يَحِلُّ لِعَينٍ مُؤمِنَةٍ تَرَى الله يُعصَى
ص: 170
فَتَطرِفَ حَتَّى تُغَيِّرَهُ.(1)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَتَأمُرُنَّ بِالمَعرُوفِ وَلَتَنهُنَّ عَنِ المُنكَرِ أَو لَيَعُمَّنَكُم عَذَابُ الله.(2)
7. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: إِنَّ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ سَبِيلُ الأَنبِيَاءِ وَمِنهَاجُ الصُّلَحَاءِ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ الفَرَائِضُ وَتَأمَنُ المَذَاهِبُ وَتَحِلُّ المَكَاسِبُ وَتُرَدُّ المَظَالِمُ وَتُعمَرُ الأَرضُ وَيُنتَصَفُ مِنَ الأَعدَاءِ وَيَستَقِيمُ الأَمرُ فَأَنكِرُوا بِقُلُوبِكُم [الأعمال القبیحة] وَالفِظُوا بِأَلسِنَتِكُم وَصُكُّوا بِهَا جِبَاهَهُم وَلَا تَخَافُوا فِي الله لَومَةَ لَائِمٍ فَإِنِ اتَّعَظُوا وَإِلَى الحَقِّ رَجَعُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيهِم «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاسَ وَيَبغُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ أُولئِكَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ»(3)
ص: 171
هُنَالِكَ فَجَاهِدُوهُم بِأَبدَانِكُم وَأَبغِضُوهُم بِقُلُوبِكُم غَيرَ طَالِبِينَ سُلطَاناً وَلَا بَاغِينَ مَالاً وَلَا مُرِيدِينَ بِظُلمٍ ظَفَراً حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمرِ الله وَيَمضُوا عَلَى طَاعَتِهِ.(1)
8. عن النبيّ(صلی الله علیه واله) أنّه قال: لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيرٍ مَا أَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ، فَإِذَا لَم يَفعَلُوا ذَلِكَ نُزِعَت مِنهُمُ البَرَكَاتُ وَسُلِّطَ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ وَلَم يَكُن لَهُم نَاصِرٌ فِي الأَرضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.(2)
9. عن أمیر المؤمنین(علیه السلام): لَا تَترُكُوا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيكُم أَشرَارُكُم ثُمَّ تَدعُونَ فَلَا يُستَجَابُ لَكُم.(3)
10. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي لَا تَدفَعُ يَدَ لَامِسٍ. فَقَالَ: فَاحبِسهَا [في البیت]. قَالَ: قَد فَعَلتُ [ولم أستطع منها]. قَالَ: فَامنَع مَن يَدخُلُ عَلَيهَا. قَالَ: قَد فَعَلتُ قَالَ: قَيِّدهَا
ص: 172
فَإِنَّكَ لَا تَبَرُّهَا بِشَي ءٍ أَفضَلَ مِن أَن تَمنَعَهَا مِن مَحَارِمِ الله عَزَّ وَجَلَّ.(1)
أیّها القرّاء الکرام التفتوا جیداً؛ یُفهم من هذا الحدیث الشریف جیّداً أنّ أفضل ما یمکن تقدیمه للمجتمع هو أن یزجر الفرد ذلک المجتمع وینهاه عن المنکرات والمعاصي فیکون بذلک قد أنجاه من الهلاکة والشقاوة في الدنیا والآخرة.
ص: 173
ص: 174
الإسلام یقول: علی کلّ فرد في المجتمع أن یحبّ للناس ما یحبّه لنفسه، وأن یکره لهم ما یکره لنفسه.
1. روي عن النبيّ(صلی الله علیه واله) أنّه قال: مَن سَرَّهُ أَن يُزَحزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدخُلَ الجَنَّةَ فَلتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُو يَشهَدُ أن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأنَّ مُحمَّداً(صلی الله علیه واله) رَسُولُ الله ويُحِبُّ أن يَأتِيَ إِلَى النّاسِ مَا يُحِبُّ أن يُؤتِيَ إلَيهِ.(1)
2. [من حقوق المسلم علی أخیه] قال(صلی الله علیه واله): وَيُحِبُّ لَهُ مِنَ الخَيرِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ وَيَكرَهُ لَهُ مِنَ الشَّرِّ مَا يَكرَهُ لِنَفسِهِ.(2)
3. قال الإمام زین العابدین(علیه السلام): وَحَقُ أَهلِ مِلَّتِكَ
ص: 175
إِضمَارُ السَّلَامَةِ وَالرَّحمَةِ لَهُم ... وَتُحِبَّ لَهُم مَا تُحِبُّ لِنَفسِكَ وَتَكرَهَ لَهُم مَا تَكرَهُ لِنَفسِكَ.(1)
4. عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر(علیهما السلام) أنّه قال: أَحِبَّ أَخَاكَ المُسلِمَ وَأَحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفسِكَ وَاكرَه لَهُ مَا تَكرَهُ لِنَفسِكَ.(2)
5. عن أبي عبدالله(علیه السلام): أُوصِيكَ بِتَقوَى الله وَبِرِّ أَخِيكَ المُسلِمِ وَأَحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفسِكَ وَاكرَه لَهُ مَا تَكرَهُ لِنَفسِكَ.(3)
ص: 176
الإسلام یقول: علی الناس في مجابهة العدوّ الظالم أن یکونوا صفّاً کالبنیان المرصوص وأن یتّحدوا بمنزلة ید واحدة وأن یدافعوا عن دینهم وحقوقهم؛ ومضافاً إلی حفظ الوحدة التي هي أهمّ عامل للتقدّم والنجاح أمام العدوّ، علی المسلمین تطویر معدّاتهم العلميّة والحربیّة الحدیثة في کلّ عصر کي یرعبوا أعداءهم حتّی من لم یتبیّن عداءه لهم بعد.
1. «وَأَطيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ وَلَا تَنازَعُوا [في الأمور] فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ ريحُكُم [بل اتّحدوا مع بعض أمام العدوّ] وَاصبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرينَ [فیحفظهم من عدوّهم وینصرهم]».(1)
2. «فَمَنِ اعتَدى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدَى عَلَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقينِ».(2)
ص: 177
3. «وَقاتِلُوا فِي سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُم وَلَا تَعتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُعتَدِينَ».(1)
4. «[أيّها المؤمنون] وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرينَ مِن دُونِهِم لَا تَعلَمُونَهُمُ [ولا تعرفونهم] اللَّهُ يَعلَمُهُم [ویعرفهم] وَما تُنفِقُوا مِن شَي ءٍ في سَبيلِ اللَّهِ [لمجابهة العدوّ] يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لا تُظلَمُونَ».(2)
5. «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلُونَ في سَبيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيانٌ مَرصُوصٌ».(3)
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ تَتَكَافَى دِمَاؤُهُم وَهُم يَدٌ عَلَى مَن سِوَاهُم.(4)
ص: 178
2. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): فَالجُنُودُ بِإِذنِ اللهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ وَزَينُ الوُلَاةِ وَعِزُّ الدِّينِ وَسُبُلُ الأَمنِ وَلَيسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِم.(1)
3. عن جعفر عن أَبِيهِ(علیهما السلام) قال: إِنَّ اللهَ لَيَمقُتُ العَبدَ يُدخَلُ عَلَيهِ فِي بَيتِهِ فَلَا يُقَاتِلُ.(2)
ص: 179
ص: 180
الإسلام یقول: الامتیازات والمفاخر الجاهلیّة کالعنصریّة ملغیّة فیما بین الناس؛ بل إنّ الامتیاز بالإیمان والتقوی والعلم وهو امتیاز من حیث الکرامة لا من حیث الحقوق وفي قبال القانون.
1. «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ».(1)
2. «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ بِالقِسطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَو عَلى أَنفُسِكُم أَوِ الوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ إِن يَكُن [من تَشهدون علیه أو تشهدون له] غَنِيًّا أَو فَقيراً فَاللَّهُ أَولى بِهِما [من جمیع الناس] فَلَا تَتَّبِعُوا الهَوى أَن تَعدِلُوا وَإِن تَلوُوا [ألسنتکم في أداء الشهادة] أَو تُعرِضُوا [عن الحقّ أو عن
ص: 181
الشهادة أو أدائها] فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِما تَعمَلُونَ خَبيراً».(1)
3. «قُل هَل يَستَوِي الَّذينَ يَعلَمُونَ وَالَّذينَ لَا يَعلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلبابِ».(2)
4. «أَ فَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَن كانَ فاسِقاً لَا يَستَوُونَ».(3)
1. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّ الله قَد أَذهَبَ بِالإِسلَامِ نَخوَةَ الجَاهِلِيَّةِ وَتَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا أَلَا إِنَّ النَّاسَ مِن آدَمَ وَآدَمَ مِن تُرَابٍ وَأَكرَمَهُم عِندَ الله أَتقَاهُم.(4)
2. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: لَمَّا كَانَ يَومُ فَتحِ مَكَّةَ قَامَ رَسُولُ الله(صلی الله علیه واله) فِي النَّاسِ خَطِيباً فَحَمِدَ الله وَأَثنَى عَلَيهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ أَنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَد أَذهَبَ عَنكُم نَخوَةَ الجَاهِلِيَّةِ وَالتَّفَاخُرَ بِآبَائِهَا
ص: 182
وَعَشَائِرِهَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُم مِن آدَمَ وَآدَمُ مِن طِينٍ أَلَا وَإِنَّ خَيرَكُم عِندَ الله وَأَكرَمَكُم عَلَيهِ أَتقَاكُم وَأَطوَعُكُم لَهُ.(1)
3. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): إِنَّ النَّاسَ مِن عَهدِ آدَمَ إِلَى يَومِنَا هَذَا مِثلُ أَسنَانِ المِشطِ لَا فَضلَ لِلعَرَبِيِّ عَلَى العَجَمِيِّ وَلَا لِلأَحمَرِ عَلَى الأَسوَدِ إِلَّا بِالتَّقوَى.(2)
ص: 183
ص: 184
أوصی الإسلام الناس بحمایة الضعفاء ورعایتهم بتأکیدات کثیرة وبالعناوین والبیانات المتعدّدة. الإسلام ولأجل رعاية الضعفاء والمساکین قد شرّع وجوب الإنفاق بعناوین وشرائط خاصّة مذکورة في الکتب الفقهیّة بالتفصیل، کزکاة المال وزکاة البدن والخمس والکفّارات وأداء النذور، ومضافاً إلی ذلک أوصاهم ورغّبهم وحرّضهم بشدّة إلی أنواع الإحسان والإنفاق ورفع حوائج الضعفاء والمحتاجین؛ وإنّ أصحاب الشریعة المقدّسة (أي النبيّ الأکرم(صلی الله علیه واله) وأئمّة الهدی(علیهم السلام)) کانوا السبّاقین إلی هذا الأمر حیث أصبحوا قدوة کاملة.
ولكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ [محبّةً لله عزّ وجلّ] ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ [الذین لا یسألون الناس] وَابنَ السَّبيلِ وَالسَّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقُوا [في إتّباع الحقّ] وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ».(1)
2. «الَّذينَ يُنفِقُونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ [للمحتاجین] سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ [یوم القیامة]».(2)
3. یقول الله تعالی في أوّل سورة البقرة في وصف المتّقین: «الَّذينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقيمُونَ الصَّلاةَ [مع شرائطها] وَمِمَّا رَزَقناهُم [کالعلم والقدرة والمقام والمال] يُنفِقُونَ [علی المحتاجین]* وَالَّذينَ يُؤمِنُونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ
ص: 186
مِن قَبلِكَ [علی سائر الأنبیاء] وَبِالآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ * أُولئِكَ عَلى هُدىً مِن رَبِّهِم وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ».(1)
4. «وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوالِدَينِ إِحساناً وَبِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَالجارِ ذِي القُربى وَالجارِ الجُنُبِ [أو الجار من الأرحام وغیر الأرحام] وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وابنِ السَّبيلِ وَما مَلَكَت أَيمانُكُم [من العبید] إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُختالاً فَخُوراً [فإنّ التکبّر والإختیال مانعان عن الإحسان والإعتناء بالناس]* الَّذينَ يَبخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخلِ وَيَكتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَأَعتَدنا لِلكافِرينَ عَذاباً مُهيناً». (2)
5. «وَسارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ* الَّذينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكاظِمينَ الغَيظَ وَالعافينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ».(3)
6. «مَثَلُ الَّذينَ يُنفِقُونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
ص: 187
أَنبَتَت سَبعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَن يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ [کثیر العطاء] عَليمٌ* الَّذينَ يُنفِقُونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعُونَ ما أَنفَقُوا مَنًّا [علی من أنفقوا علیه] وَلا أَذىً لَهُم أَجرُهُم عِندَ
رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ [في یوم القیامة]* قَولٌ مَعرُوفٌ [للمحتاج] وَمَغفِرَةٌ خَيرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُها أَذىً [علی من أنفقوا علیه] وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَليمٌ».(1)
7. «إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيماناً وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ* الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ* أُولئِكَ هُمُ المُؤمِنُونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ».(2)
8. «إِنَّ الَّذينَ يَتلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقناهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجارَةً لَن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ».(3)
9. «إِنَّ المُتَّقينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [یوم القیامة]* آخِذينَ ما
ص: 188
آتاهُم رَبُّهُم [من النِعَم] إِنَّهُم كانُوا قَبلَ ذلِكَ مُحسِنينَ* كانُوا [في الدنیا] قَليلاً مِنَ اللَّيلِ ما يَهجَعُونَ [قلّما ینامون لیلة من دون عبادة أو قلّما ینامون في اللیل]* وَبِالأَسحارِ هُم يَستَغفِرُونَ* وَفِي أَموالِهِم حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالمَحرُومِ».(1)
10. «كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهينَةٌ* إِلَّا أَصحابَ اليَمينِ [فإنّهم غیر مرهونین بسبب أعمالهم الصالحة وإنّهم في الآخرة]* في جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ المُجرِمينَ* ما سَلَكَكُم في سَقَرَ* قالُوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ [لم نک من أتباع الأئمّة المعصومین(علیهم السلام)]* وَ لَم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدِّينِ* حَتَّى أَتانَا اليَقينُ».(2)
11. «فَأَمَّا الإِنسانُ إِذا مَا ابتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكرَمَهُ وَنَعَّمَهُ [یغترّ بنفسه ویری نفسه مستحقّاً للإکرام] فَيَقُولُ رَبِّي أَكرَمَنِ* وَأَمَّا إِذا مَا ابتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزقَهُ [فلا یرضی تقدیر ربّه ویشتکي] فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ* كَلاَّ بَل [هذه السعة والقتر للإمتحان وإنّکم] لَا تُكرِمُونَ اليَتيمَ* وَلَا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ المِسكينِ* وَتَأكُلُونَ التُّراثَ أَكلاً لَمّاً [تأکلون
ص: 189
الحلال والحرام ونصیبکم ونصیب الآخرین]* وَتُحِبُّونَ المالَ حُبًّا جَمًّا* كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الأَرضُ دَكّاً دَكّاً* وَجاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفّاً صَفّاً* وَجي ءَ يَومَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَومَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكرى* یًقُولُ يا لَيتَني قَدَّمتُ [من الإنفاق وسائر الأعمال الحسنة] لِحَياتي [لحیاة الآخرة التي لا انقطاع لها]».(1)
12. «أَ لَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ* وَلِساناً وَشَفَتَينِ* وَهَدَيناهُ النَّجدَينِ* فَلَا اقتَحَمَ العَقَبَةَ [عقبة التکلیف]* وَما أَدراكَ مَا العَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ [من العبوديّة]* أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ* يَتيماً ذا مَقرَبَةٍ*أَو مِسكيناً ذا مَترَبَةٍ* ثُمَّ [بعد أن عقّ العبید وأطعم الیتیم والمسکین] كانَ مِنَ الَّذينَ آمَنُوا وَتَواصَوا بِالصَّبرِ وَتَواصَوا بِالمَرحَمَةِ* أُولئِكَ أَصحابُ المَيمَنَةِ [یوم القیامة]».(2)
13. «أَ رَأَيتَ الَّذي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذلِكَ الَّذي يَدُعُّ اليَتيمَ* وَلَا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسكينِ».(3)
ص: 190
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَا آمَنَ بِي مَن بَاتَ شَبعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ. قَالَ: وَمَا مِن أَهلِ قَريَةٍ يَبِيتُ فِيهِم جَائِعٌ يَنظُرُ الله إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ [نظر رحمة].(1)
2. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مِن أَحَبِّ الأَعمَالِ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ إِدخَالُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ، إِشبَاعُ جَوعَتِهِ أَو تَنفِيسُ كُربَتِهِ أَو قَضَاءُ دَينِهِ.(2)
3. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: مِن حَقِّ المُؤمِنِ عَلَى أَخِيهِ المُؤمِنِ أَن يُشبِعَ جَوعَتَهُ وَيُوَارِيَ عَورَتَهُ وَيُفَرِّجَ عَنهُ كُربَتَهُ وَيَقضِيَ دَينَهُ فَإِذَا مَاتَ خَلَفَهُ [في الکفالة وإدارة أمورهم] فِي أَهلِهِ وَوُلدِهِ.(3)
4. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: مِن حَقِّ المُؤمِنِ عَلَى المُؤمِنِ المَوَدَّةُ لَهُ فِي صَدرِهِ وَالمُوَاسَاةُ لَهُ فِي مَالِهِ
ص: 191
وَالخَلَفُ لَهُ فِي أَهلِهِ وَالنُّصرَةُ لَهُ عَلَى مَن ظَلَمَهُ.(1)
5. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَا مَحَقَ الإِسلَامَ مَحقَ الشُّحِّ [البخل المقرون بالحرص] شَي ء.(2)
6. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: أَيُّمَا مُؤمِنٍ حَبَسَ مُؤمِناً عَن مَالِهِ وَهُوَ مُحتَاجٌ إِلَيهِ لَم يُذِقهُ الله مِن طَعَامِ الجَنَّةِ وَلَا يَشرَبُ مِنَ الرَّحِيقِ المَختُومِ [وهو شراب في الجنّة موضوع
في کؤوس مغطاة بالمشک].(3)
7. قال أبو عبدالله(علیه السلام): مَن كَانَت لَهُ دَارٌ [زائدة علی احتیاجه] فَاحتَاجَ مُؤمِنٌ إِلَى سُكنَاهَا فَمَنَعَهُ إِيَّاهَا [ولم یعطه عاریة أو یؤجره] قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: مَلَائِكَتِي أَ بَخِلَ عَبدِي عَلَى عَبدِي بِسُكنَى الدُّنيَا؛ وَعِزَّتِي لَا يَسكُنُ جِنَانِي أَبَداً.(4)
ص: 192
8. قال أبو عبدالله(علیه السلام): إِنَّمَا أَعطَاكُمُ الله هَذِهِ الفُضُولَ مِنَ الأَموَالِ لِتُوَجِّهُوهَا حَيثُ وَجَّهَهَا الله [أي ما أمر الله بصرفه فیها] وَلَم يُعطِكُمُوهَا لِتَكنِزُوهَا.(1)
9. قال أبو عبدالله(علیه السلام): إِنَّ مِن بَقَاءِ المُسلِمِينَ وَبَقَاءِ الإِسلَامِ أَن تَصِيرَ الأَموَالُ عِندَ مَن يَعرِفُ فِيهَا الحَقَّ وَيَصنَعُ فِيهَا المَعرُوفَ، وَإِنَّ مِن فَنَاءِ الإِسلَامِ وَفَنَاءِ المُسلِمِينَ أَن تَصِيرَ الأَموَالُ فِي أَيدِي مَن لَا يَعرِفُ فِيهَا الحَقَّ وَلَا يَصنَعُ فِيهَا المَعرُوفَ.(2)
10. قال أبو عبدالله(علیه السلام): المَعرُوفُ شَي ءٌ سِوَى الزَّكَاةِ فَتَقَرَّبُوا إِلَى الله بِالبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ.(3)
11. عن أبي عبدالله الصادق(علیه السلام) قال: مَن أَرَادَ أَن يُدخِلَهُ الله فِي رَحمَتِهِ وَيُسكِنَهُ جَنَّتَهُ فَليُحسِّن خُلقَهُ وَليُعطِ
ص: 193
النَّصَفَ مِن نَفسِهِ وَليَرحَمِ اليَتِيمَ وَليُعِنِ الضَّعِيفَ وَليَتَوَاضَع لِله الَّذِي خَلَقَهُ.(1)
12. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن وَاسَى الفَقِيرَ مِن مَالِهِ وَأَنصَفَ النَّاسَ مِن نَفسِهِ فَذَلِكَ المُؤمِنُ حَقّاً.(2)
ص: 194
قد أمر الإسلام بالإحسان إلی الناس واهتمّ به کثیراً، لا سیّما الإحسان إلی الوالدین ومن بعدهما سائر الأرحام والأقرباء؛ وقدّمهم علی الآخرین وأوصی بهم أکثر، حتّی عدّ العمل المخالف للبرّ والإحسان (أو مجرّد ترکهما) من المحرّمات الشدیدة والمعاصی الکبیرة بالنسبة إلیهم، وعبّر عنه بعقوق الوالدین وقطع الرحم. علی المسلم أن لا یقطع والدیه أو سائر أرحامه وأقاربه ولا یؤذیهم، لأنّ بهذا یکون قد ارتکب معصیة کبیرة ویکون مستحقّاً للعقوبة في الدنیا والآخرة.
1. «وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وبِالوالِدَينِ إِحساناً وَبِذِي القُربى...».(1)
2. «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحساناً [تامّاً
ص: 195
کاملاً] إِمَّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلَاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ [إن تألّمت منهما] وَلَا تَنهَرهُما وَ [إن ضرباک علی سبیل المثال] قُل لَهُما قَولاً كَريماً [مثل: غفر الله لکما]* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل [في دعائک لهما] رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيراً».(1)
3. «وَكَانَ تَقِيّاً* وَبَرّاً بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبَّاراً عَصِيًّاً».(2)
4. «إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ [الناس] بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى».(3)
5. «وَاتَّقُوا اللَّهَ [في عصیانه] الَّذي تَسائَلُونَ بِهِ [أي تقسمون به] وَالأَرحامَ [من قطعهم] إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقيباً».(4)
1. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: ثَلَاثٌ لَم يَجعَلِ الله لِأَحَدٍ فِيهِنَّ رُخصَةً: أَدَاءُ الأَمَانَةِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَالوَفَاءُ
ص: 196
بِالعَهدِ لِلبَرِّ وَالفَاجِرِ وَبِرُّ الوَالِدَينِ بَرَّينِ كَانَا أَو فَاجِرَينِ.(1)
2. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: أَكبَرُ الكَبَائِرِ سَبعٌ: الشِّركُ بِالله العَظِيمِ وَقَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالحَقِّ وَأَكلُ أَموَالِ اليَتَامَى وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ وقَذفُ المُحصَنَاتِ وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحفِ وَإِنكَارُ مَا أَنزَلَ الله(عزوجل).(2)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: ثَلَاثَةٌ لَا بُدَّ مِن أَدَائِهِنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ الأَمَانَةُ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَالوَفَاءُ بِالعَهدِ إِلَى البَرِّ وَالفَاجِرِ وَبِرُّ الوَالِدَينِ بَرَّينِ كَانَا أَو فَاجِرَينِ.(3)
4. عن جميل بن درّاج قال: سَأَلتُ أَبَا عَبدِاللهِ(علیه السلام) عَن قَولِ الله(عزوجل): «وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالأَرحامَ...»(4) قَالَ: فَقَالَ(علیه السلام): هِيَ أَرحَامُ النَّاسِ إِنَّ الله أَمَرَ بِصِلَتِهَا وَعَظَّمَهَا
ص: 197
أَ لَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَهَا مِنهُ.(1)
5. عن أبي الحسن الرضا(علیه السلام) قال: أَمَرَ بِاتِّقَاءِ الله وَصِلَةِ الرَّحِمِ فَمَن لَم يَصِل رَحِمَهُ لَم يَتَّقِ الله.(2)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): لَا تَقطَع رَحِمَكَ وَإِن قَطَعَتكَ.(3)
7. إنّ رسول الله(صلی الله علیه واله) قال: إِذَا قَطَعُوا(یعنی أمّتي) أَرحَامَهُم جُعِلَتِ الأَموَالُ فِي أَيدِي الأَرَاذِلِ مِنهُم.(4)
8. قال أميرالمُؤمِنِينَ(علیه السلام): إِذَا قَطَّعُوا الأَرحَامَ جُعِلَتِ الأَموَالُ فِي أَيدِي الأَشرَارِ.(5)
9. في حدیث عدّ فیه المعاصي الکبیرة، فقال أبو عبدالله(علیه السلام): وَنَقضُ العَهدِ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ لِأَنَّ الله(عزوجل)
ص: 198
يَقُولُ: «لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدَّارِ»(1).(2)
10. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): إنَّ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُعَجِّلُ الفَنَاءَ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ.(3)
11. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِيَّاكُم وَعُقُوقَ الوَالِدَينِ فَإِنَّ رِيحَ الجَنَّةِ يُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَلفِ عَامٍ وَلَا يَجِدُهَا عَاقٌّ وَلَا قَاطِعٌ وَلَا شَيخٌ زَانٍ وَلَا جَارٌّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ، إِنَّمَا الكِبرِيَاءُ لِله رَبِّ العَالَمِينَ.(4)
12. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): إِنَّ المَرءَ لَيَصِلُ رَحِمَهُ وَمَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ إِلَّا ثَلَاثُ سِنِينَ فَيَمُدُّهَا الله إِلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَإِنَّ المَرءَ لَيَقطَعُ رَحِمَهُ وَقَد بَقِيَ مِن عُمُرِهِ ثَلَاثٌ
وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَصَيَّرَهَا الله إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ أَو أَدنَى.(5)
ص: 199
ص: 200
حبّ الدنیا (1)
من الأمور التي ورد الذمّ عنها في الإسلام کثیراً حبّ الدنیا لأجل الدنیا، أمّا حبّها محبّة لله وطلباً لرضاه أو محبّة للآخرة وطلباً للثواب الأخرويّ وصوناً من العذاب الإلهيّ فلا یعدّ محبّة للدنیا وطلبا لها، بل هو حبّ لله وللآخرة وطلب لهما.
وبعبارة أخری: حبّ الدنیا لأجل کونها محبوبة بالذات مذموم في الإسلام وأما حبّها بالعرض بأن تکون الدنیا محبوبة بالعرض للإنسان ویکون المحبوب بالذات رضی الله أو النعیم والثواب الأخروی فلا یکون مذموماً بل ممدوحاً. إنّ حبّ الدنیا لنفسها یستلزم أنواع الفتن والفساد والشرور وبالعکس حبّها لرضی الله أو لتحصیل الآخرة منشأ لجمیع الخیرات ویوجب صیانة الإنسان من الأفکار والعقائد الباطلة والأخلاق والأعمال الفاسدة.
ورد ذمّ الدنیا في الأدلّة الشرعیّة بتعابیر مختلفة، فتارة بذمّ
ص: 201
الدنیا وشؤونها کالرئاسة والمقام والزوجة والولد والمال (حتّی لا یحبّ المؤمن الدنیا وشؤونها بالذات) وتارة یکون الذمّ عن «حبّ» الدنیا و «حبّ» شؤونها.
1. «أَ رَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيل».(1)
2. «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعدَ اللَّهِ [بالنسبة إلی یوم القیامة] حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا [فتصدّکم عن نِعَم الآخرة]».(2)
3. «اعلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا [لا أهمّيّة لها وسریعة الزوال] لَعِبٌ وَلَهوٌ [تُبعد الإنسان عن ربّه والآخرة] وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ [لمن طلب الدنیا وغفل عن الآخرة] وَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٌ [لمن کانت دنیاه دنیا بلاغ وللآخرة] وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلَّا مَتاعُ الغُرُورِ».(3)
ص: 202
4. «كَلَّا بَل تُحِبُّونَ العاجِلَة* وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ».(1)
5. «وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ *يَحسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ».(2)
6. «فَأَمَّا مَن طَغى* وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا* فَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى».(3)
1. عن النبيّ(صلی الله علیه واله): يا ابن مسعود قول الله تعالى: «لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا»(4) يَعنِي أَيُّكُم أَزهَدُ فِي الدُّنيَا إِنَّهَا دَارُ الغُرُورِ وَدَارُ مَن لَا دَارَ لَهُ [في الآخرة] وَلَهَا يَجمَعُ مَن لَا عَقلَ لَهُ إِنَّ أَحمَقَ النَّاسِ مَن طَلَبَ الدُّنيَا [للدنیا] قَالَ الله تَعَالَى «اعلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً
ص: 203
وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ»(1).(2)
2. في تفسیر آیة: «وَلا تُخزِنِي يَومَ يُبعَثُونَ يَومَ لَا يَنفَعُ مالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَلِيم»، (هو من کلام إبراهیم(علیه السلام)) عن الصادق(علیه السلام) أنّه قال: هُوَ القَلبُ الَّذِي سَلِمَ مِن حُبِّ الدُّنيَا.(3)
3. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: القَلبُ السَّلِيمُ الَّذِي يَلقَى رَبَّهُ وَلَيسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاه.(4)
4. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: رَأسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ حُبُّ الدُّنيَا.(5)
(وفي روایة أخری) حُبُّ الدُّنيَا رَأسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ.(6)
ص: 204
5. قال عليّ بن الحسين(علیهما السلام): مَا مِن عَمَلٍ بَعدَ مَعرِفَةِ الله وَمَعرِفَةِ رَسُولِ الله(صلی الله علیه واله) أَفضَلَ مِن بُغضِ الدُّنيَا.(1)
6. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): مَن أَحَبَّ دُنيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ.(2)
7. عن أبي عبدالله(علیه السلام): إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنيَا كَمَثَلِ الحَيَّةِ مَا أَليَنَ مَسَّهَا وَفِي جَوفِهَا السَّمُّ النَّاقِعُ يَحذَرُهَا الرَّجُلُ العَاقِلُ وَيَهوِي إِلَيهَا الصَّبِيُّ الجَاهِلُ.(3)
8. عن أبي عبدالله(علیه السلام): وَالله مَا أَحَبَّ الله مَن أَحَبَّ الدُّنيَا... .(4)
9. عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: أَعظَمُ الخَطَايَا حُبُّ الدُّنيَا* إِن كُنتُم تُحِبُّونَ الله فَأَخرِجُوا مِن قُلُوبِكُم حُبَّ الدُّنيَا* إِنَّكَ لَن تَلقَى الله سُبحَانَهُ بِعَمَلٍ أَضَرَّ عَلَيكَ مِن
ص: 205
حُبِّ الدُّنيَا * حُبُّ الدُّنيَا رَأسُ الفِتَنِ وَأَصلُ المِحَن* حُبُّ الدُّنيَا يُفسِدُ العَقلَ وَيُصِمُّ القَلبَ عَن سَمَاعِ الحِكمَةِ وَيُوجِبُ أَلِيمَ العِقَاب.(1)
10. قال أميرالمؤمنين(علیه السلام): إِنَّ الدُّنيَا وَالآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَقَابِلَانِ وَسَبِيلَانِ مُختَلِفَانِ فَمَن أَحَبَّ الدُّنيَا وَتَوَلَّاهَا أَبغَضَ الآخِرَةَ وَعَادَاهَا وَهُمَا بِمَنزِلَةِ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَمَاشٍ بَينَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِن وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الآخَرِ وَهُمَا ضَرَّتَان.(2)
11. عن رسول الله(صلی الله علیه واله) أنّه قال: مَن أَحَبَّ الدُّنيَا ذَهَبَ خَوفُ الآخِرَةِ مِن قَلبِهِ وَمَا أُوتَيَ عَبدٌ عِلماً فَازدَادَ لِلدُّنيَا حُبّاً إِلَّا ازدَادَ الله عَلَيهِ غَضَباً.(3)
ص: 206
1. قال رسول الله(صلی الله علیه واله): نِعمَ العَونُ عَلَى تَقوَى الله الغِنَى.(1)
2. عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: نِعمَ العَونُ عَلَى الآخِرَةِ الدُّنيَا؛(2)
(أو) نِعمَ العَونُ الدُّنيَا عَلَى الآخِرَةِ.(3)
3. عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: نِعمَ العَونُ الدُّنيَا عَلَى طَلَبِ الآخِرَةِ.(4)
4. قال أبو عبدالله(علیه السلام): لَا خَيرَ فِيمَن لَا يُحِبُّ جَمعَ المَالِ مِن حَلَالٍ يَكُفُّ بِهِ وَجهَهُ وَيَقضِي بِهِ دَينَهُ وَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ.(5)
ص: 207
5. قال رجل لأبي عبدالله(علیه السلام): وَالله إِنَّا لَنَطلُبُ الدُّنيَا وَنُحِبُّ أَن نُؤتَاهَا. فَقَالَ: تُحِبُّ أَن تَصنَعَ بِهَا مَاذَا؟ قَالَ: أَعُودُ بِهَا عَلَى نَفسِي وَعِيَالِي وأَصِلُ بِهَا وَأَتَصَدَّقُ بِهَا وَأَحُجُّ وَأَعتَمِرُ. فَقَالَ أَبُو عَبدِالله(علیه السلام): لَيسَ هَذَا طَلَبَ الدُّنيَا، هَذَا طَلَبُ الآخِرَةِ.(1)
6. من وصیّة النبيّ(صلی الله علیه واله) لأبي ذرّ: يَا أباذَرٍّ إِنَّ الدُّنيَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَن ابتَغَی بِهِ وَجهَ الله وَمَا مِن شَي ءٍ أَبغَضُ إِلَى الله تَعَالَى مِنَ الدُّنيَا... وَمَا مِن شَي ءٍ أَحَبُّ إِلَى الله مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَتَركِ مَا أَمَرَ بِتَركِهِ، يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوحَى إِلَى أَخِي عِيسَى(علیه السلام): يَا عِيسَى لَا تُحِبَّ الدُّنيَا فَإِنِّي لَستُ أُحِبُّهَا وَأَحِبَّ الآخِرَةَ
فَإِنَّمَا هِيَ دَارُ المَعَاد.(2)
7. من وصیّة النبيّ(صلی الله علیه واله) لابن مسعود: وَلَا تُؤثِرَنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا عَلَى الآخِرَةِ بِاللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ
ص: 208
فِي كِتَابِهِ «فَأَمَّا مَن طَغى وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوى»(1) يَعنِي الدُّنيَا المَلعُونَةَ وَالمَلعُونُ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لِله.(2)
8. قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): دَارُ غِنًى لِمَن تَزَوَّدَ مِنهَا وَدَارُ مَوعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا، مَسجِدُ أَحِبَّاءِ الله وَمُصَلَّى مَلَائِكَةِ الله وَمَهبِطُ وَحيِ الله وَمَتجَرُ أَولِيَاءِ الله اكتَسَبُوا فِيهَا الرَّحمَةَ وَرَبِحُوا فِيهَا الجَنَّة.(3)
ص: 209
ص: 210
· قرآن کریم.
· نهج البلاغة.
· التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(علیه السلام).
1. الأمالي. الطوسيّ، محمّد بن الحسن (ت460ق). قم: دار الثقافة. الطبعة الأولی: 1414ق .
2. مستدرک الوسائل ومستنبط المسائل. النوريّ الطبرسيّ، المیرزا حسین (ت1320ق). قم: مؤسّسة آل البیت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الأولی: 1408 ق.
3. الاحتجاج علی أهل اللجاج. الطبرسيّ، أحمد بن عليّ (ت588ق). التحقیق: محمّد باقر الخرسان. مشهد: نشر المرتضی. الطبعة الأولی: 1403ق.
4. الکافي. الکلینيّ، محمّد بن یعقوب (ت329ق). التحقیق: علی أکبر الغفاريّ. طهران: منشورات دارالکتب الاسلامیّة. الطبعة الرابعة: 1407 ق.
ص: 211
5.تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. الحرّ العامليّ، محمّد بن الحسن (ت1104ق). قم: مؤسّسة آل البیت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الأولی: 1409ق.
6.الوافي. الفيض الكاشانيّ، ملّا محسن (ت1091ق). أصفهان: مكتبة الإمام أميرالمؤمنين(علیه السلام). الطبعة الأولی: 1406ق.
7.بحارالأنوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمّة الأطهار(علیهم السلام). المجلسيّ، محمّد باقر (ت1110ق). بيروت: دار إحياء التراث العربيّ. الطبعة الثانیة: 1403 ق.
8.تفسیر الصافي. الفیض الکاشانيّ، ملّا محسن (ت1091ق). التحقیق: حسین الأعلميّ. طهران: منشورات مکتبة الصدر. الطبعة الثانیة: 1415 ق.
9.روضة الواعظين وبصيرة المتعظين. فتال النيشابوريّ، محمد بن أحمد (ت508ق). قم: منشورات الرضيّ. الطبعة الأولى: 1417ق.
10.المحاسن. البرقيّ، أحمد بن محمّد بن خالد (ت280ق). قم: منشورات دارالکتب الاسلامیّة. الطبعة الثانیة: 1371ق.
ص: 212
11.تفسیر القمّيّ. القمّيّ، عليّ بن ابراهیم (ت307ق). التحقیق: السیّد الطیّب الموسويّ الجزائريّ. قم: منشورات دار الکتاب. الطبعة الثانیة: 1404ق.
12.الأمالي. المفيد، محمّد بن محمّد (ت413ق). قم: مؤتمر الشيخ المفيد(رحمة الله) الطبعة الأولی: 1413ق.
13.الأمالي. ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). طهران: منشورات كتابچي. الطبعة السادسة: 1376ش.
14.عیون أخبار الرضا(علیه السلام). ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). التحقیق: مهديّ اللاجورديّ. طهران: منشورات جهان. الطبعة الأولی: 1378 ق.
15.تفسير نور الثقلين. العروسيّ الحويزيّ، عبد عليّ بن جمعة (ت1112ق). التحقیق: سيّد هاشم الرسوليّ المحلاتيّ. قم: منشورات اسماعيليان. الطبعة الرابعة: 1415 ق.
16.دعائم الإسلام. ابن حيون، نعمان بن محمّد مغربيّ (ت363ق). التحقیق: آصف الفيضيّ. قم: مؤسّسة آل البيت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الثاني: 1385 ق.
17.عدّة الداعي ونجاح الساعي. ابن فهد الحلّيّ، أحمد بن محمّد (ت841ق). منشورات دار الكتب الإسلاميّ. الطبعة الأولى: 1407 ق.
ص: 213
18.معاني الأخبار. ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). قم: مؤسّسة النشر الاسلاميّ. الطبعة الأولى: 1361ش.
19.ثواب الأعمال وعقاب الأعمال. ابن بابويه، محمّد بن علي (381ق). قم: منشورات دار الشريف الرضي. الطبعة الثانية: 1406ق.
20.قرب الإسناد. الحميريّ، عبد الله بن جعفر (القرن الثالث). قم: مؤسّسة آل البيت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الأولى: 1413ق.
21.غرر الحكم ودرر الكلم. التميميّ الآمديّ، عبد الواحد بن محمّد (ت550ق). قم: دار الكتاب الإسلاميّ. الطبعة الثانية: 1410ق.
22.تحف العقول. الحرانيّ، حسن بن شعبة (القرن الرابع). قم: مؤسّسة النشر الاسلاميّ. الطبعة الثانية: 1404ق.
23.تفسیر کنز الدقائق وبحر الغرائب. القمّيّ المشهديّ، محمّد بن محمّد رضا (ت1125ق). التحقیق: حسین الدرگاهيّ. طهران: وزارة الثقافیّة والإرشاد الاسلاميّ. الطبعة الأولی: 1368 ش.
ص: 214
24.الخصال. ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). قم: مؤسسة النشر الاسلاميّ. الطبعة الأولی: 1362 ش.
25.أعلام الدين في صفات المؤمنين. الديلميّ، حسن بن محمّد (ت841ق). قم: مؤسّسة آل البيت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الأولی: 1408ق.
26.مشكاة الأنوار في غرر الأخبار. الطبرسيّ، عليّ بن الحسن (ت600ق). نجف: منشورات المكتبة الحيدريّة. الطبعة الثاني: 1385 ق.
27.البرهان في تفسیر القرآن. البحرانيّ، السیّد هاشم (ت1107ق). قم: منشورات مؤسّسة البعثة. الطبعة الأولی: 1374 ش.
28.جامع الأخبار. الشعيري، محمّد بن محمّد (القرن السادس). النجف: المطبعة الحيدريّة. الطبعة الأولى.
29.کتاب من لا يحضره الفقيه. ابن بابويه، محمّد بن علي (ت381ق). التحقیق: علي اكبر الغفاريّ، قم: مؤسّسة نشر الإسلاميّ. الطبعة الثاني: 1413 ق.
30.تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم. التميميّ الآمديّ، عبد الواحد بن محمّد (ت550ق). التحقیق: مصطفى الدرايتيّ. قم: مؤسّسة نشر الإسلاميّ. الطبعة الأولى: 1366ش.
ص: 215
31.صفات الشيعة. ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). طهران: منشورات الأعلمي. الطبعة الأولى: 1403 ق.
32.الاختصاص. المفيد، محمّد بن محمّد (ت413ق)، قم: المؤتمر العالميّ لألفية الشيخ المفيد. الطبعة الأولی: 1413ق.
33.کنز الفوائد. الكراجكيّ، محمّد بن عليّ (ت449ق). التحقیق: عبداللّه نعمة. قم: دارالذخائر. الطبعة الأولى: 1410ق.
34.المجازات النبويّة. شريف الرضي، محمّد بن حسين (ت406ق). التحقیق: مهديّ الهوشمند. قم: منشورات دار الحديث. الطبعة الأولی: 1422ق.
35.مكارم الأخلاق. الطبرسيّ، حسن بن فضل (القرن السادس). قم: منشورات الشريف الرضيّ. الطبعة الرابعة: 1412ق.
36.عيون الحكم والمواعظ. الليثيّ الواسطيّ، عليّ بن محمّد (القرن السادس). التحقیق: حسين الحسنيّ البيرجنديّ. قم: منشورات دار الحديث. الطبعة الأولی: 1376 ش.
37.بشارة المصطفى لشيعة المرتضى. الطبريّ الآملي، عماد الدين (ت553ق). نجف: منشورات المكتبة الحيدريّة. الطبعة الثانیة: 1383ق.
ص: 216
38.تهذيب الأحكام. الطوسيّ، محمّد بن الحسن (ت460ق). التحقیق: حسن الموسويّ الخرسان .طهران: منشورات دار الكتب الإسلاميّة. الطبعة الرابعة: 1407 ق.
39.فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب. ابن طاووس، عليّ بن موسى (ت664ق). التحقیق: حامد الخفاف. قم: مؤسّسة آل البيت(علیهم السلام) لإحیاء التراث. الطبعة الأولی: 1409 ق.
40.النوادر. الاشعريّ القمّيّ، احمد بن محمّد (القرن الثالث). قم: منشورات مؤسّسة الإمام المهديّ(عجل الله تعالی فرجه الشریف). الطبعة الأولی: 1408ق.
41.الزهد. الكوفيّ الاهوازيّ، حسين بن سعيد (القرن الثالث). التحقیق: غلام رضا العرفانيان اليزديّ. قم: منشورات المطبعة العلميّة. الطبعة الثانیة: 1402 ق.
42.تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (المعروف بمجموعة ورّام). ورّام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى (ت605ق). قم: مكتبة الفقية. الطبعة الأولی: 1410ق .
43.دلائل الإمامة. الطبريّ الآمليّ صغير، محمّد بن جرير بن رستم (القرن الخامس). قم: مؤسّسة البعثة. الطبعة الأولی: 1413ق.
ص: 217
44.المؤمن. الكوفيّ الاهوازيّ، حسين بن سعيد (القرن الثالث). قم: منشورات مؤسّسة الإمام المهدي(عجل الله تعالی فرجه الشریف). الطبعة: 1404ق.
45.مصادقة الإخوان. ابن بابويه، محمّد بن عليّ (ت381ق). التحقیق: سيّد علي الخراسانيّ الكاظميّ. الكاظميّة: منشورات مكتبة الإمام صاحب الزمان(عجل الله تعالی فرجه الشریف) العامّة. الطبعة الأولی: 1402ق.
46.مجمع البیان في تفسیر القرآن. الطبرسيّ، فضل بن الحسن (ت548ق). طهران: منشورات ناصر خسرو. الطبعة الثالثة: 1372 ش.
47.تفسیر العیاشيّ. العیّاشيّ، محمّد بن مسعود (ت320ق). التحقیق: السیّد هاشم الرسوليّ المحلاتيّ. طهران: منشورات المطبعة العلمیّة. الطبعة الأولی: 1380ش.
48.خصائص الأئمّة(علیهم السلام). شريف الرضي، محمّد بن حسين (ت406ق). التحقیق: محمّد هادي الأمينيّ. مشهد: مجمع البحوث الإسلامیّة التابعة للآستانة الرضویّة(علیه السلام) المقدّسة. الطبعة الأولی: 1406ق.
ص: 218
آیین زندگی و درس های اخلاق اسلامی
آیة الله میرزا جواد آقا تهرانی(رحمة الله علیه)
تحقیق: مرتضی أعدادی خراسانی
انتشارات ولایت
1398_ 1441
ص: 219
آیت الله حاج میرزا جواد آقا تهرانی از فقها و علمای مشهور قرن اخیر میباشند؛ که در سال 1322قمری در تهران دیده به جهان گشود.
وی از حوزههای تهران، قم و نجف استفاده نمود؛ اما آنچه او را از تهران به مشهد کشاند دیدگاه علمی مرحوم آیت الله میرزا مهدی اصفهانی(رحمة الله) بود که با پرورش یافتن در سلوک علمی استاد موفق به ادامه تدریس درس استاد شد. ایشان از لحاظ مشی علمی و معنوی بسیار تحت تاثیر آرای عالیه و معارف الهیه استاد خویش بود تا به آنجا که عمر خویش را در راه تفسیر قرآن (بر اساس روش تعقل در روایات) و ترویج معارف وحیانی وخدمت به خلق خدا سپری نمود.
هفت اثر از ایشان برجای مانده است که در موضوعات نقد مارکیسم، بهاییت، فلسفه و تصوف می باشد.
كتاب حاضر از مؤلفات اخلاقی مرحوم استاد بوده است كه توسط مؤسسۀ عالم آل محمد(علیهم السلام) المعارفية تعريب شده است.
مطالعۀ اين كتاب برای كسانی كه دوست دارند زندگی بر اساس دستورات وحيانی داشته باشند لازم می باشد.
---------------------
انتشارات ولايت
ایران _ مشهد مقدس _ خیابان آخوند خراسانی 1/20_ جنب مسجد الزهراء(علیها السلام)
تلفن:
00989151162907 _ 00989151576003 _ 05138555947
ص: 220
BOOK SUMMARY
Ayatollah Mirza Jawad Tehrani is an illustrious jurist and scholar of the last century. He is a graduate of the Islamic Seminary of Tehran, Qom and Najaf, but eventually settled in Mashhad when he was drawn to the classes of Late Ayatollah Mirza Mahdi Esfahani and succeeded his teacher in assuming his seat at the seminary. He was heavily influenced by his teacher and in the pursuit of divine sciences and the service to Islamic scholarship.
Ayatollah Tehrani has left seven valuable treatise which include critical analysis of the schools of thought of Marxism, Bahaism, Mysticsm, and Philosophy.
The present book is among the works which revolve around morality and ethics, published by Alem Aal-Mohammad Institute.
_______________________________________________
The publisher
Velayat publishers
Address: Iran, Mashhad, central bazaar, Velayat publisher.
Tel: 00989151576003 _ 00989151162907
ص: 221
The Way Of Life
Ayatollah Mirza Jawad Tehrani
Translator:
Hamid Khabiri
Auditing and Assessment:
Shaikh Morteza Aadadi Khorasani
Velayat Publishers
2020 _ 1398
ص: 222
بسم اللّه الرحمن الرحیم
«اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة»
علم و معرفت بزرگترین و بهترین نعمت الهی است که خداوند متعال آن را به بندگان صالح خویش عطا می فرماید و آن ها را در مسیر عبودیت و کمال بندگی به سوی خود با آن یاری می کند. بزرگ ترین افتخار بندگان خدا برخورداری آن ها از این نعمت گرانسنگ است. عالمان ربانی و عارفان حقیقی کسانی هستند که در راه بندگی خدا همواره پیامبران الهی و امامان معصوم(علیهم السلام) را چراغ راه خویش قرار داده واز سلوک طریق علمی و عملی آن ها هیچ وقت احساس خستگی به خود راه نداده و از هر طریق دیگری غیر از راه امامان معصوم(علیهم السلام) دوری و بیزاری می جویند.
این بنیاد با هدف احیای آثار چنین بزرگانی که در طول تاریخ تشیع همواره مدافع و پشتیبان معارف اصیل وحیانی و علوم راستین اهل بیت(علیهم السلام) بوده اند تشکل می یابد.
امید است با توجهات خاص حضرات معصومین(علیهم السلام) در این راه توفیق یارشان باشد تا بتوانند قدم های مثبت مهمی در احیای آثار ارزشمند آن بزرگان با شرایط روز بردارند.
ص: 223
بسم الله الرحمن الرحیم
«اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَ المَوعِظَةِ الحَسَنَة»
Call on to the way of your lord with wisdom and good preaching
Knowledge is arguably God's most precious blessing given to humanity, with which they can understand, worship, and submit to the Almighty's commandments. It is indeed the greatest of His gifts for both in this life and the afterlife.
And those with divine understanding are the true inheritors of the prophets and their successors. Those are the people of wisdom who stop at nithing in carrying on their endeavor in seeking knowledge from its one and only source; The messengers of Allah.
ص: 224